بالرغم من العقبات التي لا تزال تحول دون الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، بسبب العراقيل التي يُصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على وضعها في طريق الوصول إلى تسوية مع حركة "حماس"، حيث أولويته تبقى الحفاظ على مستقبله السياسي، يبدو أنّ البعض في لبنان مُصرّ على حرق المراحل، عبر القفز نحو فتح النقاش حول الملفات الخلافيّة، التي من المفترض أنّ البحث الجدّي فيها، لن يتمّ قبل وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة في المستقبل.
ضمن السياق نفسه، لا يمكن تجاهل التصريحات التي تصدر عن بعض القيادات الإسرائيلية، التي توحي بالإصرار على الذهاب إلى مواجهة عسكريّة على الجبهة اللبنانية، بالرغم من أن هذا السيناريو لا يزال مستبعداً لعدة إعتبارات، منها ما هو متعلق بالواقع الإسرائيلي الداخلي ومنها ما هو متعلق بالتوازنات القائمة.
ما تقدم، يدفع مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى طرح علامات استفهام حول الأسباب التي تدفع البعض إلى فتح معظم الملفّات الخلافيّة اليوم، طالما أنّ النتيحة معروفة مسبقاً، وهي عدم القدرة على حلّ أيّ منها، حيث تلفت إلى أنّ هذا البعض يتعامل مع المسألة كما لو أن الحرب إنتهت، وبالتالي من المفترض إنطلاق البحث في المرحلة التي تليها.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هناك من يسعى إلى ذلك من منطلق الرهان على تحولات من الممكن أن تحصل، كذهاب تل أبيب إلى تنفيذ تهديداتها بشن عدوان على لبنان، بينما في المقابل نجد من يبحث عن تسجيل نقاط من منطلق المزايدة الشعبوية التي لا فائدة منها، كما أن هناك من يريد إستباق مرحلة التسوية عبر رفع سقف مطالبه، على قاعدة الخوف من أن تأتي على حسابه.
ضمن هذه الخانة، ترى المصادر نفسها أنه يجب وضع كل الخطابات التصعيدية، التي تظهر في المرحلة الحاليّة، خصوصاً أن أصحابها ليسوا من الجهات التي تملك ما تستطيع أن تقدمه على هذا الصعيد، بدليل أنها من الناحية العملية خارج كل الإتصالات القائمة منذ تاريخ فتح هذه الجبهة، في الثامن من تشرين الأول الماضي.
في هذا الإطار، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن كل الملفات المحلية العالقة، خصوصاً الملفّ الرئاسي، من الأفضل لو تتم معالجتها مسبقاً، أي عدم إنتظار التسوية الإقليمية، لكنها تؤكد أنه في الواقع كل ما يطرح يأتي من باب التمنيّات لا أكثر، نظراً إلى أن المعادلة باتت أكبر من غالبيّة الأفرقاء المحليين، الذين لا يملكون راهنًا إلا الإنتظار.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن ما يطرح من قبل البعض يأتي في إطار "التسلية" في الوقت الضائع، حيث أن أي بحث جدي، في أي ملف، لن يكون قبل نهاية الحرب، وتشدد على أن هذه المعادلة معروفة من الجميع، حتى الذين يتحدثون عن مبادرات أو يقدمون طروحات، رئاسيّة كانت أو غير ذلك، يسلمون بها في مجالسهم الخاصة، منذ أشهر طويلة، لكنهم لا يستطيعون البوح بها في العلن.
في المحصّلة، توضح هذه المصادر أنّ البعض لا يكتفي بوضع الشروط والتكهّنات الرئاسية، بل وصل إلى الحديث عن مصير سلاح "حزب الله" وكيفيّة تطبيق القرار 1701، إلى جانب مجموعة واسعة من الملفّات الأخرى، موحياً بأنها ستعالج كلها في وقت قريب، بينما الواقع مخالف عن ذلك تماماً، وتضيف: "حتى الولايات المتحدة لم تصل إلى ما يطالب به بعض في لبنان، لكن طالما أن "الكلام ليس عليه جمرك"، ليس هناك من يفكر مرتين فيما يتحدث به".