أشارت صحيفة "الشّرق الأوسط"، إلى أنّ "النوّاب الأربعة الذين خرجوا أو أُخرجوا من "التيار الوطني الحر"، يقفون على مسافة واحدة من الاصطفافات السياسية في البرلمان، التي حالت دون انتخاب رئيس للجمهورية، وأدت إلى تمديد الشغور الرئاسي الذي يدخل حالياً شهره الثالث والعشرين، وذلك سعياً وراء خلق ديناميكية داخلية مسيحية وطنية تُحدث خرقاً في المشهد الرئاسي المقفل، يفتح الباب أمام إخراج انتخابه من التأزم، من خلال قيام تحالف وطني يجمعهم بعدد من النواب المستقلين".

ولفتت إلى أنّ "الرباعي"، المؤلّف من نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بوصعب، والنواب: آلان عون، وإبراهيم كنعان، وسيمون أبي رميا، مهّد الطريق أمام قيام تحالف وطني في البرلمان، خلال لقائهم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مقره الصيفي بالديمان".

وذكرت الصّحيفة أنّه "نُقل عن الراعي عدم ارتياحه للحصار السياسي المفروض على انتخاب الرئيس، محملاً الاصطفافات السياسية داخل البرلمان مسؤولية عدم إحداث خرق في انسداد الأفق الذي يعطّل انتخابه، نظراً إلى عدم تلاقيها في منتصف الطريق، بدلاً من إبقاء الرئاسة أسيرة التسويات الخارجية؛ في حين إدارات البلد ذاهبة إلى مزيد من الانحلال".

وكشفت معلومات "الشّرق الأوسط"، أنّ "تحرّك "الرباعي" يلقى كل تأييد من الراعي، ليس لأن النواب الأربعة يتحرّكون تحت سقف التلاقي مع البطريرك حول الثوابت الوطنية والسيادية التي عبر عنها فحسب، وإنما لأن تحركهم يُسهم في خلق قوة نيابية ضاغطة، من شأنها أن تعيد خلط الأوراق داخل البرلمان، لعلها تؤدي إلى فك الحصار السياسي بانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أن المطلوب من النواب أن يساعدوا أنفسهم لاستقدام الدعم الخارجي لتسهيل انتخابه، بدءاً بإدراج إنجاز الاستحقاق الرئاسي على جدول أعمال المجتمع الدولي؛ في ضوء الحديث عن استعداد سفراء "اللجنة الخماسية" لدى لبنان لمعاودة تحركهم".

وبيّنت مصادر "الرّباعي" للصحيفة، أنّه "أعدّ خطة، هي بمثابة خريطة طريق للانفتاح على الكتل النيابية والنواب المستقلين، يتطلّع من خلالها الرّباعي إلى قيام تحالف نيابي وسطي على أساس التوافق على قواسم مشتركة، تسمح بإحداث خرق يعبّد الطريق أمام انتخاب الرئيس، من دون الانغلاق على الكتل النيابية، أكانت منتمية للمعارضة أو "محور الممانعة"، "لئلا ندور، بوصفنا نواباً، حول أنفسنا ونراوح مكاننا، في حين المطلوب الانفتاح، للتفاعل إيجاباً، ولو من باب الاختلاف معها؛ لعلنا نتوصل إلى تضييق رقعة الخلاف".

وأوضحت أنّ "الرباعي" سيتحاور مع النواب المستقلين وأبرزهم: نعمت أفرام، ميشال الضاهر، غسان سكاف، أديب عبد المسيح، وجميل عبود، بوصفها خطوة أولى على طريق قيام تجمع نيابي وسطي، وإن كان يطمع بتوسيع دائرة اتصالاته؛ لتشمل الزملاء من المسلمين".

كما ركّزت المصادر على أنّ "الخطوة التالية تقضي بالتحاور مع الكتل، أكانت في المعارضة أو في "محور الممانعة"، بالإضافة إلى كتلة "اللقاء الديمقراطي" التي كانت قد أطلقت مبادرتها على قاعدة التوافق على رئيس بالتشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لأن هناك استحالة في التوصل إلى تسوية، من وجهة نظرها؛ من دون التفاهم معه".

وأكّدت أنّ "لا مشكلة لدى "الرباعي" تقف حاجزاً في وجه التواصل مع "التيار الوطني"، فالنواب الأربعة لا يبادلونه العدائية، بخلاف ما أظهره رئيسه النائب جبران باسيل "منذ اللحظة الأولى لانفصالنا عن "التيار"، مضيفةً: "ندير ظهرنا ونتطلّع للأمام، وكنا آلينا على أنفسنا في اجتماعنا مع البطريرك الراعي عدم الدخول في الأسباب التي أدت إلى خروجنا أو إخراجنا من التيار، الذي كنا من الأوائل في تأسيسه برعاية مؤسسه رئيس الجمهورية السابق ميشال عون".

ورأت أن "الرباعي ينطلق في تحركه للوصول إلى قواسم مشتركة مع النواب المستقلين، من امتناعه عن طرح اسم أي مرشح لرئاسة الجمهورية، رغم أن من بين الذين يتعاون معهم لتشكيل تجمع نيابي وسطي مستقل، مرشحين للرئاسة"، مشدّدةً على أنّ "هناك ضرورة للتحاور بلا شروط مسبقة، وإلا نكون قد قضينا على ما نخطط له قبل أن يُولد".

إلى ذلك، أشارت المصادر إلى أن "الثنائي الشيعي مشمول بالتواصل معه، ومن غير الجائز استبعاده لتفادي الانجرار إلى صراع المحاور"، لافتةً إلى أنّ "التواصل مع بري قائم، في حين يصر "حزب الله" على عدم التدخل في خلاف "الرباعي" مع باسيل، وهو ينصرف حالياً إلى الوضع المشتعل في جنوب لبنان، وهذا ما ينسحب أيضاً على رئيس البرلمان الذي يكتفي بمواكبة تداعيات ما حصل داخل التيار".

إنفتاح باسيل على "القوات" لم يلقَ تجاوب معراب... غياب الثقة يقف بالمرصاد

من جهة ثانية، ذكرت صحيفة "الديار" أنّ "منذ فترة، كان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل يوصف من قبل بعض الافرقاء، بالسياسي الذي بات وحيداً، فلا حلفاء ولا اصدقاء في ال​سياسة​ بل مجموعة خصوم، يتكاثرون يوماً بعد يوم، ولا حتى أي حليف مسيحي"، موضحةً أنّ "السبب هو الخلاف على الرئاسة، بدءاً من ترشح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية بعدما كان الحليف الاول، لكن خطوته هذه قضت على تلك العلاقة، ما جعل التيار البرتقالي في مسار آخر، لتصبح العلاقة في أسوأ حالاتها".

وبيّنت أنّ "كذلك الامر مع "القوات اللبنانية"، بعدما وصلت العلاقة الى مرتبة جيدة خلال حقبة تفاهم معراب الذي لم يدم طويلاً، فوصل الفريقان المسيحيان الى ذروة الخلافات، بعدما اطمئن المسيحيون وشعروا بالارتياح بعد توقيع ذلك الاتفاق في كانون الثاني من العام 2016، لكن كل ذلك الارتياح ذهب مع الريح؛ وأعاد المسيحيين الى مرحلة الاحباط".

وركّزت الصّحيفة على أنّ "مع "حزب الله"، العلاقة في طريقها للعودة، لانّ ترميم الجرّة التي انكسرت يجب ان يحصل بالفعل لا بالقول فقط. وسبق ذلك انفتاح كبير على عين التينة، حيث العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في أحسن حالاتها، لانّ رئيس "التيار" محتاج الى مَن يسانده سياسياً في هذه الظروف الصعبة، التي أبعدته عن الجميع".

وأشارت إلى أنّه "لذلك يقوم بتخطّي رواسب الخلافات الماضية، وترميم العلاقة التي ترافقت مع توتر كبير في فترة معينة بين الرجلين، خصوصاً انّ الوحدة لا تجوز في السياسة اللبنانية، بحسب ما تلقى نصائح من قبل سياسيين مقرّبين، مذكّرين إياه بأنه تولى منصب وزارة الخارجية لفترة طويلة، وعليه ان يستفيد من تلك الخبرة ويكون ديبلوماسياً الى أبعد الحدود؛ لان عدم إيصال فرنجية الى بعبدا يتطلّب منه التوافق مع "القوات اللبنانية" أي انّ المصلحة تقتضي".

وتابعت: "هذا ما بدا قبل أيام وتحديداً بعد كلمة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، خلال قداس شهداء المقاومة اللبنانية، حيث أعلن باسيل تأييده لبعض ما جاء في الخطاب بعد ساعات قليلة، من خلال بيان رسمي صدر عن اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في "الوطني الحر"، برز ضمنه اعتبار "التيار" أنّ كلمة جعجع حوت تطوراً في الموقف، من ناحية الحوار والعيش المشترك والملف الرئاسي، وتأييده الحوار والتشاور اذا كان محصوراً بالرئاسة، إضافة الى الخروج من الماضي والتخطيط نحو المستقبل، وتسمية مقاتلي المقاومة الذين يسقطون في الجنوب بالشهداء، ورفض "وحدة الساحات"، معتبراً انّ هذه المواقف تتلاقى مع "التيار" وانفتاحه على الاطراف الاخرى، وبصورة خاصة في الاستحقاق الرئاسي والتوافق على جلسات انتخابية مفتوحة.

وأفادت "الديار" بأنّ "الى ذلك، تضمّن البيان دعوة الى "القوات" يمكن القول انها مبطّنة نوعاً ما، للتجاوب بهدف التوافق وحل المعضلة الرئاسية، التي ستدخل عامها الثالث بعد فترة وجيزة. مع الإشارة الى انّ كلمة رئيس "القوات" لم تتضمّن اي "لطشة" للتيار العوني، الامر الذي ساهم في هذا الانفتاح. لكن ووفق ما أظهرته الايام القليلة الماضية، فرئيس "التيار" لم يلق اي تجاوب قواتي لغاية اليوم، ربما بسبب غياب الثقة وفق ما رأت أوساط قواتية، ولانّ التجارب السابقة عديدة".

ولفتت الأوساط لـ"الديار"، إلى أنّها ترفض عبارة "التطور في الموقف" الذي جاء في بيان "التيار"، وكأن جعجع غيّر مواقفه، في حين انّ هذا الامر غير صحيح، لانّ رئيس "القوات" ما زال على مواقفه، كما انّ دعوة باسيل الى تجاوز ما وصفه بـ"الشكليات البسيطة" ليست ايضاً في محلها، لانّ ما ننادي به لا يمكن وصفه بذلك"، مشدّدةً على انّ "الخلاف مع "التيار الوطني الحر" استراتيجي".