إنتظر اللبنانيون جلسة استجواب حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، التي عقدت في قصر عدل بيروت اليوم، والتي على أساسها أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة.
في الشكل، ما حصل يدلّ على أنّ الحصانة السياسية سقطت عن الرجل، وأن رحلة الادانة بدأت جدياً، ولكن مهلاً هناك واقعة مهمة جداً حدثت اليوم، أعادت وضع علامات الاستفهام على أن شيئاً ما يُحاك في القضية، ألا وهو عدم السماح لرئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر حضور جلسة الاستجواب. هذا ما تؤكده مصادر قضائية مطّلعة على الملفّ، لافتة إلى أنّه "حتماً لا تزال هناك قطبة مخفيّة في الملفّ، والواضح أنّ القضية لم تسلك مسار المحاكمات المعتاد، وإلا لماذا منعت اسكندر من الحضور"؟.
تعود المصادر إلى الادّعاء الّذي قام به المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم على سلامة، بعد أن أحال مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار الملف اليه، لتشير إلى أنّ "أساس القضيّة كان لاستخدامه حساب "الاستشارات" في مصرف لبنان لتحقيق الأرباح الشخصية، وأخفى فيه سلامة العمليّات غير الشرعية. وحتى أخفى بيانات عن شركة "الفاريز اند مارسال"، فالتحقيق يطال عملية تحويل 42 مليون دولار من الحساب لميكي تويني، ومن ثم لابن شقيقة رياض سلامة مروان عيسى الخوري، ثم إلى حساب سلامة نفسه"، لتعود وتؤكد أن "مصدر كل هذه الأموال هو شركة "أوبتيموم"، أيّ أنه كان يتم تحويل الأموال من هذه الشركة إلى حساب الاستشارات".
ولا تخفي المصادر وجود قطبة مخفيّة غير مفهومة في الملفّ، وتسأل "لماذا لم يقم القاضي ابراهيم بالادعاء على سلامة بتبييض الأموال والاثراء غير المشروع؟ علماً بأن الجرم واضح في التحقيق، وحتى في العمليّة الّتي ادّعى ابراهيم عليه بها في قضية حساب الاستشارات".
وتضيف المصادر: "يسعى لبنان جاهداً كي لا يتم إدراجه على اللائحة الرمادية لمنظمة العمل المالي FATF، ويريد أن يظهر بمظهر المكافح لتبييض الأموال، وهو نجح في الشكل باحداث صدمة بتوقيف سلامة، ولكنه بنفس الوقت لم يقم بالإدعاء عليه بجرم تبييض الأموال، مع العلم أنّ هذا الأمر مثبت بكل التحقيقات والرجل مطلوب دولياً وبحقه مذكّرتي توقيف دوليتين، والتحقيق بقضيّة الاختلاس وتبييض الأموال التي قام بها تجري في أكثر من ثلاثة عشر دولة في العالم".
الأكيد والثابت أنّ سلامة "علق" ولكن ما ليس واضحاً حتى اليوم لماذا في هذا التوقيت، وما جديّة الاجراءات التي يقوم بها القضاء اللبناني؟ أبعد من ذلك، فالسؤال الأهمّ هو "لماذا لم يتم الادعاء على سلامة بجرم تبييض الأموال، ومن طلب مِمّن وماذا"؟ كلها أسئلة والأيام المقبلة كفيلة بالاجابة عنها.