على وقع إستمرار الفشل في الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تطرح أسئلة حول الواقع على جبهة جنوب لبنان، لا سيما مع تكثيف التحركات الأميركية المرتبطة بهذه الجبهة، خصوصاً بعد الزيارة التي قام بها قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، أول من أمس، إلى مقر القيادة الشمالية في صفد، في حين كان مسؤولون أميركيون وإسرائيلون قد عقدوا، في الأيام الماضية، إجتماعاً إفتراضياً، بحثوا فيه السيناريوهات المحتملة.

ما تقدم، لا يمكن أن يفصل عن إرتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية بالذهاب إلى شن عملية عسكرية في جنوب لبنان، خصوصاً أن بعض هذه التهديدات تأتي على لسان شخصيات تعتبر مقربة من الولايات المتحدة، في حين تسود الأوساط السياسية والعسكرية في تل أبيب الدعوات إلى البحث عن إستراتيجية شاملة في التعامل مع "حزب الله".

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن عودة المواجهات على هذه الجبهة إلى القواعد المضبوطة، بعد تنفيذ "حزب الله" رده على إغتيال القيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر، لا يلغي أن إسرائيل تعاني من تصاعد الأزمة المرتبطة بها، خصوصاً أنها كانت تطمح للوصول إلى تسوية قبل إنطلاق العام الدراسي لديها، بسبب الضغوط التي يمارسها سكان المستوطنات الشمالية.

وفي حين تذكر هذه المصادر أن تل أبيب كانت، على مدى الأشهر الماضية، تطرح معادلة الإتفاق الدبلوماسي أو الحرب الشاملة، تلفت إلى أنها لم تنجح في الوصول إلى الخيار الأول، بينما هي لا تستطيع أن تبادر نحو الخيار الثاني، بسبب التعقيدات التي تصطدم بها، ما يدفعها إلى الإستمرار في سياسة إطلاق التهديدات، التي لم تنجح في دفع "حزب الله" إلى التراجع.

على الرغم من ذلك، ترى المصادر نفسها أنه لا يمكن تجاهل معادلة أن أحداً لا يستطيع أن يتوقع الخطوات التي من الممكن أن يبادر إليها بنيامين نتانياهو، خصوصاً أن الرجل بات من الواضح أنه لا يريد الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، مع ما يعني ذلك من إستمرار المواجهات ومخاطرها على الجبهة الجنوبية، حيث المرحلة الأخطر قد تكون بين الانتخابات الأميركية وتسلم الرئيس الذي سينتخب.

في هذا الإطار، تتحدث بعض الأوساط السياسية في بيروت، عبر "النشرة"، عن أن الولايات المتحدة قد تعمد، في الفترة المقبلة، إلى التركيز على الوصول إلى إتفاق يتعلق بالجبهة الجنوبية، بغض النظر عن المسار القائم بالنسبة إلى الأوضاع في قطاع غزة، بالرغم من الصعوبات التي قد تعترضها، لا سيما أن "حزب الله" يرفض، منذ اليوم الأول، الفصل بين الجبهتين، ما يرجح إستمرار الأوضاع على ما هي عليه، بحال لم يحصل أي تطور من خارج السياق.

وتشير هذه الأوساط إلى أن هذا الطرح يأتي حيال القلق من الخطوات التي قد يبادر إليها نتانياهو، نظراً إلى أن هناك من يعتبر أنه قد يبادر إلى فرض أمر واقع على واشنطن، وتدعو إلى التنبه إلى ما كان قد تحدث عنه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، قبل أيام، لناحية التحذير من حرب إقليمية كبرى، خصوصاً أن تحذيراً مماثلاً كان قد صدر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أيام من حادثة مجدل شمس، التي تلتها عمليتي إغتيال شكر في الضاحية الجنوبية وإسماعيل هنية في طهران.

في المحصّلة، تدعو الأوساط نفسها إلى التوقف عند الإشارة التي كانت قد وردت في تصريح وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، عن الطلب من بعثة لبنان في الأمم المتحدة التشاور مع أعضاء مجلس الأمن بشأن إجتماع إستشاري، قد يؤدّي إلى وقف القتال أو إلى عدم استهداف المدنيين، لكنها تشدد على أن المسألة ليست سهلة على الإطلاق، والحل الأمثل يبقى التسوية في غزة أولاً.