تتفاعل قضية توقيف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، يوماً بعد آخر، بشكل كبير. حين تمّ التوقيف بطريقة فجائية، ظنّ الجميع أن القضاء اللبناني قد يكون "استفاق" بعد طول إنتظار، ولكن الواضح من مسار الأحداث أن هناك "قطبة" مخفية في الملفّ دفعت إلى إتخاذ كل هذه الاجراءات...

إنتهت "المفاجأة" وبدأت الأمور تتكشّف شيئاً فشيئاً، خصوصاً بعد جلسة استجواب سلامة التي جرت في 9 أيلول 2024، حين رفض قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي حضور رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر جلسة الاستجواب. وتذهب المصادر أبعد من ذلك، لتشير إلى أنّه "لم يتمّ التدوين في المحضر أنّ إسكندر طلبت الإنضمام إلى الدعوى وحضور جلسة الاستجواب، فكل ما فعله القاضي أنه رفض حضورها، ولم يضمّ الطلب إلى الملفّ وغادر الجلسة".

لم يكن الطلب الذي تقدمت به القاضية إسكندر غريباً أو خارج عن نطاق مهامها، خصوصا وأنها تمثّل الدولة اللبنانيّة في هذا الملف، وتشير المصادر إلى أنّها "في طلب الضمّ طلبت الادّعاء على سلامة بجرم تبييض الأموال والاثراء غير المشروع، وهي المواد التي كان يفترض بالنائب العام المالي علي ابراهيم أن يدّعي بها وليس فقط سرقة أموال وإهمال وظيفي، مع العلم أنّه عضو في هيئة التحقيق الخاصة التي تم من خلالها الادعاء على سلامة، بحسب تقريرها عن حساب الاستشارات الذي أرسله حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري إلى القضاء".

كذلك تتطرق المصادر إلى جلسة الاستجواب، الذي كان يفترض أن يخضع لها الشهود ومن بينهم مروان عيسى الخوري وميكي تويني، وتشير إلى أنّهما "كان يجب أن يكونا مدعى عليهما، ولأنّ نقابة المحامين لم تمنح الإذن، لهذا تمّ استُدعِيا كشاهدين، والشاهد يحضر دون محام"، لافتة إلى أنّ "مثل هذه الجلسات لا تستطيع الدولة ممثلة برئيسة هيئة القضايا حضورها، حيث يحصل ذلك فقط عندما يتم الادعاء عليهما، وعندها تطلب الانضمام والحضور والاستجواب، تماماً كما يحصل في ملف سلامة الذي تريد اسكندر أيضاً إستجوابه".

وتذهب المصادر أبعد من ذلك لتسأل "لماذا حصر الإدعاء والتحقيق في عملية 42 مليون دولار، التي حولت إلى ميكي تويني ومروان عيسى الخوري، التي وصلت من شركة "أوبتيموم" إلى حساب الاستشارات، ومن ثمّ إلى حسابهما، علماً أن هناك 45 عمليّة في "أوبتيموم"، ولماذا لا يُسمح لمدّعي عام جبل لبنان القاضي غادة عون، التي تحقّق في الملف، بإستجواب سلامة، ولمصلحة من لم يتمّ الإدّعاء على سلامة بجرم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع"؟.

يبدو أن المشهد بدأ يتوضّح شيئاً فشيئاً والأرجح أنّ العملية لا تتجّه إلى محاسبة المرتكبين وأولهم سلامة، وهي مجرّد "مسرحيّة" لا يُمكن الجزم بخاتمتها، ولكن الأكيد أنّ ما اعتقده اللبنانيون عندما رأوا مشهد خروج سلامة من قصر العدل مكبّلاً لن تكون نهايته كما يتمنّونها...