يعتبر مقام العبد الصالح السيد محمد الهاشمي من المقامات الدينية البارزة في زوطر الشرقية، لكن شهرته لا تتعدى البلدة ومحيطها، ما يفرض على على وزارتي السياحة والثقافة وضعه على خريطة السياحة الدينية في الجنوب.
في هذا السياق، يشرح امام البلدة الشيخ محمد جواد حسن شمس الدين أن المقام، أو كما يسميه أهل زوطر الشرقية "النبي"، يقع في الحارة القديمة جانب مسجد البلدة، وبناؤه على الطراز العاملي التقليدي، مربّع على زواياه عقود حجرية تتصل ببعضها لتشكل ثمانية قناطر، وتعلو العقود قبة إسلاميّة بيضاويّة، ويظهر من جغرافية البلدة أنها تكونت بادئ ذي بدء حول هذا الضريح بقطر 100 متر، وكانت بيوتات قليلة حال معظم القرى العاملية.
ويلفت إلى أنه في العام 2003، خلال القيام بحفريات بالمحيط الملاصق للمقام والمسجد لبناء قاعة على أرض موقوفة لهما سُميَت بـ"قاعة المسجد والمقام"، وجدت قطع فخّارية وجرار مكسورة لا يعلم إذا تم الإحتفاظ بها، ولكن الشاهد هو أنّ هذه القطع تؤكّد أن هذا المحيط بالمقام كان مأهولاً منذ سنوات غابرة وضريح الهاشمي يشهد على ذلك.
ويشير إلى أنه ليس للضريح أي تاريخ أو لوحة منحوتة تدل على اسم أو صفة المدفون أو تاريخ وفاته، موضحاً أنه لا يعلم كيف أطلقت هذه التسمية على صاحب الضريح، مشيرا الى أنه تناقل وتواتر، وجبل عامل يزخر بالعديد من هذه المشاهد للأولياء، منها مقام علي الطاهر في كفرتبنيت ومقام أبو الأنوار في تول ومقام تميم في الدوير ومقام أبو الركاب في عرمتى ومقام محمد نوف في البازورية.
ويؤكد أن للمقام قيمة دينية ومعنويّة وكان محطة تبرك لأهالي البلدة، وما سمعه من كبار القرية أنه صاحب كرامات، وحتى وقت ليس ببعيد كان أهل القرية يعقدون النذور، وإذا ما تحققت يودعون الأموال في القفص الزجاجي الذي يعلوه كفان نحاسيان ونجمة وهلال.
من جانبه، يلفت رئيس بلدية زوطر الشرقية وسيم مصطفى إسماعيل إلى أنّه "لم نعثر في كتب التاريخ على تفاصيل حول هذه الشخصيّة"، موضحاً أن "كل ما نعرفه من خلال التراث الشعبي أنه سيد جليل القدر وعالم اتصف بالزهد والتقوى والعمل الصالح، وقد ظهرت على يده العديد من الكرامات وتيسير الأمور المعسرة وغير ذلك".
ويشير إلى أن "المقام عبارة عن غرفة من حجر صخري قديم تعلوها قبة، وسماكة الحائط حوالي متر فيه نافذتان وباب موجود في نفس حرم مسجد البلدة التراثي أيضاً، وقد يكون المقام بشكله الحالي بني بنفس تاريخ بناء المسجد، ومن نفس نوع الحجارة، عمره مئات السنين ومساحته حوالي 30 متراً مربعاً".
ويضيف أنه "يتضمن مكتبة متواضعة، كانت مقصدا للأجيال، حيث تقام فيها أنشطة مكتبيّة وأدعية، وكنا نجتمع في حلقات ثقافية ومحاورات دينية فيها"، مشيراً إلى أن "لجنة الوقف في البلدة أهتمت تاريخياً بهذا المقام، مدعومة من البلدية التي تقدم كافة التسهيلات"، لافتاً إلى أن المقام يعتبر "من المعالم التراثية الدينية في بلدتنا وهناك أفكار متداولة حول اعتماده كمقصد تراثي للسياحة الدينية، بالإضافة طبعاً إلى وجود بعض المعالم الأثرية والمغاور الطبيعية ووادي الليطاني الذي يتميز بجمال طبيعي فائق ونادر".
بدوره، يؤكد رئيس مركز الامام الصدر الثقافي في زوطر الشرقية حسين سويدان أن "للمقام امجاد لدى الأجداد والاباء، وهو من تراث البلدة الديني والثقافي، لذا وجب على وزارة الثقافة ابراز معالمه وعلى وزارة السياحة وضعع على الخريطة السياحية الدينية في لبنان".
ويشير إلى أن "هذا المقام بات في ذاكرتنا وله حكايات دينية في قلوبنا، وكنا نلتقي فيه نتحدث عن البلدة وأوضاعها، وبات محفوراً في عقولنا لشدة تعلقنا فيه وامتدادنا اليه لمكانته ورقيه الديني والتراثي والثقافي منذ القدم".