أكّد مصدر دبلوماسي في بيروت لصحيفة "الأنباء" الكويتيّة، أنّ "التوترات بين إسرائيل و"حزب الله" ليست جديدة. لكن الأشهر الأخيرة شهدت تصعيدا ملحوظا في لهجة الجيش الإسرائيلي، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتزايدة حول استعدادهم لمواجهة عسكرية مع "حزب الله"، ما يعكس المخاوف من التطورات على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، خصوصا في ظل دعم "حزب الله" للمقاومة في غزة وتزايد قوته العسكرية".
وأشار إلى أنّ "الخطاب الإسرائيلي قد يكون بمثابة جزء من حرب نفسية، تهدف إلى ردع "حزب الله" عن اتخاذ أي خطوات تصعيدية على الحدود. ومع ذلك، فإن احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية حقيقية لاتزال واردة، بسبب كثافة هذه التصريحات المترافقة مع توسيع دائرة الضربات الإسرائيلية، التي قد تخرج الأمور عن السيطرة إذا لم يتم استيعابها بسرعة".
وركّز المصدر على أنّ "كبير مستشاري الرّئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الطّاقة آموس هوكشتاين يلعب دورا محوريا في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية، خصوصا ما يتعلق بالملفات الأمنية والإقليمية. وتعكس زيارته إلى إسرائيل اليوم، اهتمام الإدارة الأميركية بمنع تفاقم الوضع بين إسرائيل ولبنان، وهذا ما قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي أوسع يمتد ليشمل جهات أخرى في المنطقة".
ولفت إلى أنّ "الولايات المتحدة تدرك أن أي حرب جديدة بين إسرائيل و"حزب الله" ستكون كارثية، ليس فقط على الصعيدين الإنساني والعسكري، ولكن أيضا على الاستقرار الإقليمي. لذا تأتي هذه الزيارة في إطار الجهود الأميركية لاحتواء التوتر، والعمل على منع التصعيد من خلال الوساطة".
كما أوضح أنّ "القلق الأميركي ينبع من خطورة الوضع الراهن، اذ يملك "حزب الله" ترسانة عسكرية كبيرة تشمل صواريخ دقيقة بعيدة المدى، قادرة على ضرب أهداف حيوية داخل إسرائيل. وأي تصعيد في الخطاب العسكري قد يؤدي إلى اندلاع حرب واسعة النطاق، لن تكون مقتصرة فقط على الحدود، بل قد تشمل تدخلات من أطراف إقليمية أخرى".
وأضاف المصدر: "يُفترض، بحسب الأميركيين، ان تكون إسرائيل تعي جيدا أن الدخول في حرب مع "حزب الله" لن يكون نزهة، بل سيكون مواجهة مكلفة وطويلة. من هنا، يمكن تفسير اللهجة المتصاعدة من قبل الجيش الإسرائيلي على أنها محاولة لإرسال رسائل تحذيرية إلى الحزب، وأيضا لاستعراض القوة أمام الداخل الإسرائيلي".
وشدّد على أنّه "لا يمكن النظر إلى التوترات بين إسرائيل و"حزب الله" بشكل معزول عن الصراعات الأخرى في المنطقة. وأي تصعيد على الجبهة اللبنانية، قد يؤدي إلى انفجار أكبر في المنطقة، ما يثير قلق واشنطن، خصوصا في ظل تعقيد الأوضاع على الساحة الدولية؛ وعدم استقرار التحالفات الإقليمية".
وبيّن أنّ "لذا تحاول الولايات المتحدة قدر الإمكان لمنع اندلاع أي نزاع في الوقت الراهن، خصوصا في ظل تركيز إدارة الرئيس جو بايدن على ملفات أخرى مثل الحرب في أوكرانيا، الوضع الاقتصادي العالمي، التوترات مع الصين، وقبل كل هذه الملفات الانتخابات الرئاسية الأميركية".
إلى ذلك، ذكر المصدر أنّ "زيارة هوكشتاين تأتي في توقيت حساس جدا، حيث تتزامن مع التوترات العسكرية والتحديات السياسية في لبنان وإسرائيل. فلبنان يعاني أزمة اقتصادية وسياسية خانقة، بينما تواجه إسرائيل تحديات شعبية من قبل المعارضة في الداخل، وهذا يجعل الوضع هشا للغاية؛ وبالتالي فإن أي خطأ في التقدير قد يؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه".
وأكد أنّ "زيارة هوكشتاين إلى إسرائيل، التي على الأرجح سينتقل منها إلى لبنان، تعكس القلق المتزايد في واشنطن من احتمالية نشوب حرب مع "حزب الله". ويأمل الأميركيون ان تكون التوترات المتصاعدة والخطاب العسكري الإسرائيلي جزءا من سياسة الردع. لكن في الوقت عينه، تعكس هذه التحركات مخاوف حقيقية من تصعيد غير محكوم، وتسعى الولايات المتحدة من خلال هذه الزيارة، إلى تهدئة الأوضاع ومنع تفاقم التوترات".