في خطوة نوعية لتعزيز الشفافية في السوق اللبنانية، أطلق وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، بالتعاون مع المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي ماتيو هولينجورث، أول مؤشر أسعار شهري للسلع الغذائية في لبنان عن شهر تموز 2024. يأتي هذا المشروع ضمن جهود الحكومة والجهات الدولية لتوفير أداة موحدة للمستهلكين لمراقبة تقلبات الأسعار والمساهمة في الحفاظ على الأمن الغذائي.
مراقبة الأسعار
يهدف التقرير الشهري إلى تمكين المستهلكين من متابعة معدلات أسعار السلع الأساسية بشكل علمي ومنهجي. ويوفر أيضًا للوزارة أداة فعالة لمراقبة تقلبات الأسعار، ما يسهم في اتخاذ قرارات أفضل لحماية المواطنين من تداعيات التضخم الاقتصادي.
عقب الاجتماع الذي عقد مع وفد برنامج الأغذية العالمي، أشار الوزير سلام إلى أهمية هذا المشروع في خلق استقرار ومسؤولية أكبر في ما يتعلق بالأسعار. وأضاف: "هذا التقرير يضع سلاحًا قويًا في أيدي المواطنين، مبنيًا على أسس علمية وتقنيات دقيقة توثق تفاصيل الأسعار في جميع أنحاء لبنان. كما أن التطبيق الخاص بهذا المؤشر سهل الاستخدام ومتاح للجميع، ما يساهم في تعزيز دور المستهلك في مراقبة الأسعار وتقديم الشكاوى عند وجود أي تجاوزات".
دعم محدودي الدخل
أشاد ماتيو هولينجورث من جهته، بأهمية هذا التقرير الشهري، مشيرًا إلى أن "مثل هذا النظام يعزز الثقة بين المواطنين وصانعي السياسات، ويمثل مرجعًا شهريًا لاتخاذ القرارات اللازمة بما يخدم مصلحة المواطنين، لا سيما أصحاب الدخل المحدود". وأضاف أن التقرير سيساعد أيضًا الحكومة في مراقبة السوق وضبط الأسعار بما يحمي الفئات الأكثر ضعفًا في لبنان.
ارتفاع مستمر في الأسعار
تزامنًا مع إطلاق المؤشر، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة تقريرًا يشير إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية في لبنان لشهر تموز 2024 بنسبة 20% مقارنةً بشهر كانون الثاني 2023، مع زيادة ملحوظة في أسعار الفواكه والخضار والدواجن الطازجة. ووصل مؤشر أسعار السلع الغذائية الأساسية (MFPI) إلى 127.4 نقطة، ما يعكس الأثر الكبير للتقلبات الاقتصادية على السوق المحلية.
وأوضح التقرير وجود تفاوت ملحوظ في أسعار السلع بين المناطق اللبنانية، حيث سجلت بيروت والشمال أعلى معدلات لارتفاع الأسعار، بينما شهدت محافظة النبطية أدناها. ويُعزى هذا التفاوت إلى اختلاف تكاليف النقل والتوزيع، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالإنتاج المحلي نتيجة النزاعات الحدودية.
الوزارة ومراقبة الأسعار
في هذا السياق أكد المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر لـ"النشرة" أن هذا المشروع سيسهم في تسليط الضوء على السلع الأكثر استهلاكًا، وتوفير قاعدة بيانات علمية لمراقبة الأسعار. وأوضح أن الوزارة ستتابع التقلبات الشهرية وسترسل فرق المراقبة إلى الأسواق لضمان استقرار الأسعار ومكافحة ارتفاعها غير المبرر. وأضاف: "التقرير يقدم قراءة موضوعية للتضخم، ويتيح للمواطنين فرصة تقديم الشكاوى عند ملاحظة ارتفاع غير مبرر في أسعار السلع".
في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة، يُعد إطلاق هذا المؤشر خطوة هامة نحو تعزيز الشفافية في السوق اللبنانية وتوفير أدوات علمية للمستهلكين وصانعي القرار على حد سواء. ومع استمرار الجهود المشتركة بين الحكومة والجهات الدولية، يبقى الأمل معقودًا على أن تسهم هذه الخطوة في تحقيق استقرار نسبي للأسعار وحماية الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع اللبناني.