خصصت وسائل الإعلام المحلية، حيزا مُهما من مساحتها، لتغطية اللقاء الخاص مع اللواء عباس ابراهيم، السبت الماضي، في مركز "لقاء" التابع لبطريركية الروم الملكيين الكاثوليك في الربوة، بدعوة من "مجموعة حل النزاعات".

ولكن التركيز في التغطية انصب على الكلام السياسي للواء، كما وعلى ما كشفه للمرة الأولى في شأن إطلاق المُختطفين في "أعزاز".

بيد أن اللوء عرض أيضا، لشؤون لا تقل أهمية عن ال​سياسة​، كالحوار وحل النزاعات وكذلك في التربية.

لا بُد من الإضاءة على كُل ذلك لاستكمال الصورة، تماشيا مع أهمية اللقاء مع اللواء.

بداية لا بُد من الإشارة إلى أن دُخول اللواء ابراهيم، إلى القاعة المُخصصة للقاء، تم قبل أربع دقائق، إذ أخذ في الاعتبار ضرورة التأكُد من حُسن العمل اللوجستي، قبل أن يحين وقت اللقاء. ولكن وصوله إلى "مركز لقاء"، في الربوة، كان قبل ذلك. فقد شوهد اللواء يخرُج من إحدى الغُرف، بعد اجتماع باللجنة المُنظِمة للقاء، والمُكوَنة من النُشطاء في "مجموعة حل النراعات".

وفي الوقت المُحدد، وعملا بمُقتضيات المناقبية، والدقة واحترام الوقت والضُيوف... بدأ اللقاء.

أهمية الحوار

في المضمون غير السياسي، ركز اللواء ابراهيم، على الأفكار الآتية:

* لأننا في لُبنان، نعيش في مُجتمع يتسم بالتعدُدية، فإن ذلك بتطلب احتراما لديمُقراطية تقوم على حق الاختلاف.

* الحوار الإنساني يُعد أنقى الوسائل لوقف المُعاناة البشرية، وهو الحل عندما يُصبح الحوار السياسي مُستحيلا.

* الحوار ليس مُجرد جلسات لتبادُل الآراء، على رُغم أهمية هذا النوع من التبادُل.

* إن الحوار الذي نقصده هو بين أفرقاء يهدفون إلى الوصول إلى حُلول، مهما كان شأن هذه الحُلول عظيما أو بسيطا.

* إن الحوارات الوطنية في حالات النزاع، تُؤدي الوسيلة الفعالة للتصدي للتصدُعات الداخلية، وإعادة بناء هيكيلة الدولة.

* إن العوامل المُساعدة في تحقيق النتائج الملموسة للحوار، على أرض الواقع، إنما هي: سلمية الحوار، والابتعاد عن التعصُب، والتعالي بين الأفرقاء، وتفعيل المُشترَكات والبناء عليها، وتحديد المُختلِف، والتحاور في شأنه في جو عقلاني.

* إن لُبنان يُواجه واحدة من أشد أزماته، وهي تتفاقم، حتى أصبحنا نسمع ونرى، على طاولات البعض، مشاريع تضرب الأُسُس التي قام عليها الكيان اللُبناني، وعنيت بذلك – قال اللواء ابراهيم - أُسس وحدة لُبنان، وانصهار شعبه، كشعب واحد. ومن هُنا الحاجة الأكبر إلى لُغة الحوار، في ظل هذه الأزمة...

* لقد وُلد لُبنان الوطن، في مُستشفى الحوار، وأُدخل عند كُل أزمة إلى غُرفة العناية الفائقة، ولكنه مع الأسف كان يخرُج دائما شبه مُعافى...

رسالة إلى الشبيبة

في رسالة إلى الشبيبة، عبر "نادي التَّواصُل والوَعي" المُنبثق من جمعية "جائزة الأكاديمية العربية"، سأل اللواء ابراهيم الشبيبة، أن يقرأوا في كتاب مُوحَد اسمه لُبنان.

لقد أوجد اللواء ابراهيم، جوا مُؤاتيا للتفكُر معا، في سبيل وَضع استراتيجيات لاستكمال المجهود الحواري المبذول في المراحل المُقبلة... وكل ذلك يصب في خانة نشر التَوعية وتقبُل الآخَر في المدارس، بدءا من المدرسة.

هو من حجَر الأساس للحوار، عليه البحث في استكمال المسيرة، إذ ثمة مَن سيستلم الشُعلة مِنه... عليه أن يُفكر كيف يُمكنُه أن يورِث الجيل الجديد، الإرث الحَضاري، وتقبُل الآخَر...

وأكد اللواء ابراهيم في رسالته إلى الشبيبة والتربويين: "ينبغي أن نقرأ في كتاب مُوحد اسمُه (لُبنان)، لا في كُتُب مُتعددة. لقد آن الأوان أن نبني وطنا، ونخرُج من المزرعة. وآن الأوان أيضا، أن نخرُج من عُقولنا الطائفية ونعود إلى أدياننا. إذا عُدْنا إِلَيْها... نعود إِلى أصل الإنسان".

وتابَع: "أعتقد أننا كُلنا خَلْق الله، وكُلنا نُمثل الإنسانية في هذا العالَم. وكُل ما ازددنا طائفية، كُل ما ازددنا بُعدا عن كُل ما يجمعُنا". وشدد اللواء ابراهيم: "المَطلوب أن نكون مُتدينين، وليس طائفيين".

كتاب التربية الوطنية

أشار أيضا، إلى أن "الأمن العام، أسس لجنة في العام 2017، مهمتها وضع كتاب جديد في التربية الوطنية، وتعميم هذا الكتاب على كُل المدارس بما فيها مدارس الإرساليات. ونحن على يقين، بأن جيلنا، وجيل ما بعدنا كما وما قبلنا، ما عادت لديه القدرة على التغيير".

أضاف: "إن بناء الأوطان إنما يبدأ في صُفوف الحضانة. ولا يبدأ في الجامعة ولا في الثانوية"...

وقال ابراهيم: "أشركنا في لجنة تأليف الكتاب راهبات ورجال دين وإعلاميين وضُباطا... وفي الختام كان لنا كتاب".

واستطرد: "في المُقابل، فقد اطلَعنا على ما بقي من كُتُب التربية المدنية في وزارة التربية، كما وفي بعض المُؤسسات التربوية. وما قرأناه أشعرنا بالخجل".

ولكن، على رُغم كُل شيء، لم يحظَ كتاب التربية الصادر عن الأمن العام بالنهاية السعيدة، ولا عجب من ذلك... ألسنا في لُبنان؟.

وختاما، لم يفُت اللواء تهنئة اللُبنانيين، بعيد الصليب، مُستذكرا ما كتبه يوما عبر حسابه على منصة "أكس"، ومفاده: "مع الأسف، نحن اللُبنانيين صالبون ومصلوبون. إننا نصلب ذواتنا. حان لنا أن ننزل عن الصليب".

مصري

وكانت الدكتورة ضُحى مصري، شددت في كلمة لها على "وجوب مُتابعة عمل (مجموعة حل النزاعات)، والهدف الذي نسعى إليه، وهو مد جُسور التواصُل والعمل المُشترك، لما فيه خير المُجتمع". وأضافت: "نُؤمن أن نجاحنا لن يتحقق إلا بتضافُر جُهود الجميع".

كما وأدار اللقاء الدكتور قاسم قصير.

وبعد، هل يُمكن لـ "مجموعة حلّ النِّزاعات"، أن تستضيف في إطار أنشطتها الغنية، المُتعلمين الثانويين من النخبويين، فيبدأون بالتمرُس في أصول الحوار، تمهيدا لاستلامهم شُعلته ذات يوم؟...