في البيان الأولي الذي أصدره "حزب الله" حول العملية الإرهابيّة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي بتفجير أجهزة "البايجر"، أكد أن الأجهزة المختصة في الحزب تقوم حالياً بإجراء تحقيق واسع النطاق، أمنياً وعلمياً، لمعرفة الأسباب التي أدّت إلى تلك الانفجارات المتزامنة، ما يعني أن المسألة ستكون موضع متابعة دقيقة من الحزب، نظراً إلى حجم التداعيات التي من الممكن أن تترتب عليها، خصوصاً أن جهاز الإتصالات في الحزب كان يعتبر من أبرز عوامل نجاحه في حرب تموز من العام 2006، وهو ما قاده إلى ردّ متشدد في السابع من أيار في العام 2008، بعد القرارات التي كانت قد ذهبت إليها الحكومة في الخامس من أيار من ذلك العام لضرب "إتصالات" الحزب.
إنطلاقاً من ذلك، هناك الكثير من الأسئلة التي من المفترض أن تطرح حول تفاصيل صفقة الأجهزة، خصوصاً بالنسبة إلى كيفية علم الموساد بها ودخوله على خطّها، الأمر الذي لا يمكن أن يتم من دون عمليّة إختراق كبيرة، من دون تجاهل أن من تداعيات هذه العملية ضرب جزء، بغض النظر عن حجمه، من جهاز الإتصالات في حزب الله، الأمر الذي لا يمكن التقليل من أهميته، خصوصاً أنه في حالة حرب مع إسرائيل، لا أحد يعرف المسار الذي ستسلكه في المرحلة المقبلة.
هنا من الممكن الحديث عن ضربة على أكثر من صعيد، تخلق تحديات أساسية أمام حزب الله للتعامل معها، تبدأ من العامل المعنوي، الذي من الطبيعي أن يتأثر بعد عملية إختراق من هذا النوع، وهو ما يطرح تحدياً امام الحزب بما يتعلق بالرد على هذا الهجوم وكيفية التعاطي معه، حيث لم يعد بالإمكان تنفيذ ردّ يؤلم اسرائيل ولا يرفع من معنويات بيئة المقاومة، ولا تنتهي عند عامل الأضرار المتعلقة بجهاز الإتصالات نفسه، وهو ما يفرض اشكاليّة ستكون الأصعب عليه، خصوصاً مع الحرب التكنولوجية الامنية القاسية التي تخوضها اسرائيل والتي أثبتت فيها تفوقها وتطورها.
من الأسس التي تُبنى عليها قوة حزب الله هو قدرته على الضبط والسيطرة، وهذا لا يتحقق سوى من خلال القدرة على استمرار الاتصال والتواصل بين القيادة وكل مجموعة من مجموعاتها في كل مكان، وبعد أن ثبُت في بداية الحرب أن الهواتف الخلوية تشكل كارثة الكوارث، وتبين وجود خروقات في شبكة الاتصال الداخلي للحزب، وبعد أن تمت معالجتها، بدأ باللجوء الى أجهزة البايجر التي كانت تُستعمل منذ 30 عاماً واكثر، واليوم بات بحاجة الى وسيلة اتصال وتواصل جديدة، وسيكون هذا التحدي هو الأبرز أمامه.
بالطبع لا تتوقف الأضرار على هاتين النقطتين، وهنا لم نتطرق للأضرار البشرية كونها من الأمور المؤكدة والتي لا يجب أصلاً البحث بها، ولكن الأضرار على الحزب تشمل أيضاً الإطار الأمني الذي يعمل ضمنه، نظراً إلى أن الإختراق قد يكون يشمل العديد من الأمور الأخرى، التي تتطلب منه توسيع رقعة التحقيقات التي يجريها.