على وقع المعركة الدبلوماسية الّتي يخوضها لبنان اليوم في مجلس الأمن الدولي، لانتزاعه إدانة لإسرائيل من الدول الأعضاء، أوضح مصدر حكومي بارز لصحيفة "الجمهورية"، أنّ "لبنان الرسمي طلب انعقاد مجلس الأمن بعد مجزرة الـ"pagers"، واستجاب على الفور مجلس الأمن لهذا الطلب، وارسل الموافقة بعد ساعة، وسيستمع المجلس لخطاب وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، الذي سيلقي كلمة لبنان وحكومته"، مشيرًا إلى "أنّنا لا ننتظر صدور قرار، لكن إدانة عامة لاسرائيل، ومطالبتها بوقف عدوانها على المدنيين هو خطوة إيجابية لنا".
وركّز على أنّه "صحيح أنّ هذه الإدانة ليست قراراًـ لكنها ستحقق للبنان مكاسب دبلوماسية في معركته ضدّ اسرائيل، إذ لا يستطيع العدو ان ينتهك القانون الدولي وسيادة بلد إلى هذا الحدود، وتسير فيه من دون اي تحّرك. والمهمّ أننا سنضع علامة سوداء لها في مجلس الأمن، وهذا في حدّ ذاته خرق كبير، فنسبة تمثيلها بالتأكيد سيتأثر عبر المؤسسات الدولية وعبر برامج الأمم المتحدة وسيتراجع".
وأكّد المصدر "أنّنا نقوم بجهدنا لإيصال الصوت، والهدف هو اكتساب أصوات مؤيدة دبلوماسياً من الدول الأعضاء، ما يؤسس في المستقبل لضغط داخل مجلس الأمن لانتزاع قرار لوقف إطلاق نار فوري عند أوانه".
لبنان يطلب دعم فرنسا في مجلس الأمن
في السّياق، كشفت مصادر مطّلعة لصحيفة "الأخبار"، عن "تواصل بين بيروت وباريس، طلب فيه الجانب اللبناني مساعدة فرنسا في تمرير بيان في مجلس الأمن يتضمّن إدانة واضحة للهجوم، وكان هناك تجاوب من الجانب الفرنسي"، بينما لم يُعرف الموقف الأميركي الذي رجّحت مصادر دبلوماسية أن يعارض أي بيان يتضمن إدانة لإسرائيل.
سيناريو الانتقام
من جهة ثانية، اعتبرت أوساط متابِعة لـ"الجمهورية"، أنّ "محتوى خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله شكّل الردّ الأولي على الهجوم السيبراني الإسرائيلي الغادر، في انتظار الردّ الميداني الذي ستراه العين قبل أن تسمع به الأذن، وفق ما ما اورده نصرالله".
ولفتت إلى انّ "الامين العام للحزب تعمّد ان يُبقي سيناريو الانتقام محاطاً بستار كامل من الغموض والكتمان، وهو خصّص له فقط بضعة اسطر في ختام الخطاب، ما يؤشر بوضوح الى انّ الحزب يحضّر رداً استثنائياً، تاركاً للعدو ان يتخبّط في ظلام الاحتمالات المجهولة من دون إعطائه اي إشارة تفسيرية، وذلك ترجمةً للتكتيك المختلف الذي بدأ الحزب اعتماده بعد دخول المواجهة مع العدو الأسرائيلي مرحلة جديدة".
وبمعزل عن الردّ، أشارت الاوساط إلى انّ "الخطاب نجح في تفنيد مكامن الإخفاق الاستراتيجي للهجوم الإرهابي الإلكتروني، وتشريح العجز عن تحقيق الأهداف المتوخاة منه، مع الإقرار في الوقت نفسه بقسوة الضربة التي وجّهها العدو إلى المقاومة من الناحية التكتيكية".
ورأت أنّ "نصرالله أفقد الهجوم الاسرائيلي المتفلت من الضوابط كل جدواه ومفاعيله، بمجرد ان جزم من ناحية باستحالة فصل المسارين المتلازمين بين غزة والجنوب قبل وقف العدوان على القطاع، وتحدّى من ناحية أخرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنّهما لن يستطيعا إعادة المستوطنين إلى مستعمرات الشمال، ما لم تتوقف الحرب على غزة، علماً انّ فصل الجبهتين وإعادة النازحين هما الغاية الأساس من توسعة العدوان على الجبهة الشمالية".
تحقيقات حزب الله: من فخّخ الأجهزة وكيف وبأيّ متفجّرات؟
على صعيد متّصل، علمت صحيفة "الأخبار" أن "لجان التحقيق الفنية في "حزب الله" توصّلت، بعد ساعات على تفجير أجهزة الـ"بايجر"، إلى وجود شحنات متفجّرة مزروعة داخل الأجهزة، وإلى تحديد نوعية المتفجّرات المُستخدمة وطريقة دمجها بعناصر تقنية في الجهاز والبطارية الخاصة به. كما درست اللجان الآلية التقنية التي سمحت للعدو باختراق مركز إرسال البرقيات إلى الأجهزة المعنية، والبعث برسالة لتفعيل الشحنة المتفجّرة في وقت واحد".
وكشفت المعلومات أن "جهات أمنية أخرى في لبنان، تعمل على التثبّت من كيفية زرع العبوات الصغيرة في أجهزة النداء. وتشمل التحقيقات تحديد كل العناصر البشرية واللوجستية والمسؤولين المحليين أو الخارجيين، ممن هم على علاقة بتوريد هذه الشحنة من الـ"بايجر" ومن أجهزة لاسلكية جديدة كانت في طريقها إلى حزب الله".
وذكرت أنّ "البحث يتركّز حول مسائل محددة، من بينها آلية العمل التي اعتمدتها الاستخبارات الإسرائيلية، إن لجهة تزوير بيانات سمحت لها بأن تكون عارضاً للبيع، أو وسيطاً في العملية، أو البحث في احتمال أن يكون العدو قد اكتشف آلية شراء الكمية وعمل على اعتراض الشحنة في طريقها إلى لبنان، واستبدالها بأجهزة أخرى فُخّخت في وقت سابق، أو أن التفخيخ حصل في مقر الشركة المورّدة".
القوات تهادن الحزب: الأولوية للتهدئة
إلى ذلك، أفادت "الأخبار" بأنّ "في خطابه في "ذكرى شهداء القوات" مطلع أيلول الجاري، فاجأ رئيس حزب "القوزات اللبنانية" سمير جعجع جمهوره عندما توقّف عن الكلام، ليطلب ممن يهتفون واصفين حزب الله بـ"الإرهابي"، التوقف عن ذلك، وأكّد يومها استعداده بعد انتخاب رئيس للجمهورية لمناقشة أي موضوع باستثناء "وحدة البلد ووحدة الشعب"؛ بما يتناقض مع كل تصريحات معظم نوابه وكوادره ومسؤوليه حول مَن يشبه مَن!".
وأشارت إلى أنّ "في التعامل مع العدوان الإسرائيلي على "حزب الله" يومَي الثلثاء والأربعاء الماضيين، بدت "القوات" أكثر انسجاماً مع "لفتة" قائدها في خطابه. فقد عمّمت معراب على نوابها وقياديّيها والطلاب والحزبيين والجيش الإلكتروني عدم التعليق على ما حصل، والابتعاد عن الاستفزاز والشماتة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما حصل فعلاً. وللمرة الأولى، بدت "القوات" أكثر انسجاماً مع المصالحة السعودية- الإيرانية ومع الجو السياسي الداخلي".
ولفتت الصّحيفة إلى أنّ "قواتيين يبرّرون نقل مستوى المواجهة مع الحزب "من العداوة إلى الخصومة"، بـ"ضرورة الانفتاح على كل الأفرقاء لانتخاب رئيس وإعادة الانتظام إلى مؤسسات الدولة"، رغم الاستياء القواتي من كلام النائب السابق نواف الموسوي عن الرئيس الراحل بشير الجميل، الّذي تؤكد المصادر أن جعجع أوعز أيضاً بعدم الردّ عليه".
وكشف مسؤول قواتي، بحسب "الأخبار"، "أنّنا نتعلّم من أخطائنا"، مستذكراً حالة الاستنفار في البيئة الشيعية التي غذّاها حديث النائب زياد حواط عشية الانتخابات النيابية الأخيرة، عن إصبع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، إذ بيّن ذلك أن خطاب التعبئة سلاح ذو حدّين ويساهم أحياناً في تقوية الخصم".
وأضاف: "لذلك قررت "القوات" التروّي في ردات الفعل واحتسابها، ربطاً بكل المتغيّرات في البلد، ولالتقاطها إشارات إيجابية سواء من النائب السابق وليد جنبلاط الذي قابل إيجابية جعجع بإيجابية أكبر، أو تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري المستمر بأنه لن يعقد جلسة حوار من دون "القوات" حتى بوجود "التيار الوطني الحر" وتيار "المردة"، ما يشكّل اعترافاً ضمنياً بحجم "القوات" ورسالة حسن نية تجاهها".
جلسة استجواب جديدة لسلامة وتناقضات كبيرة مع شاهد
على صعيد آخر، ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" أنّ "حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة خضع لجلسة استجواب ثانية أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، بحضور وكيله القانوني المحامي مارك حبقة، وأجرى مقابلة بينه وبين شاهدين، هما الوكيل القانوني للبنك المركزي المحامي ميشال تويني، ووكيل شركات الاستشارات المحامي مروان عيسى الخوري".
وأفادت مصادر مواكبة لهذا الملفّ، للصحيفة، بأن "الجلسة حفلت بالتناقضات ما بين أقوال سلامة وتويني"، موضحةً أنّ "وكيل البنك المركزي نفى معرفته بأسباب تحويل الأموال من حساب الاستشارات الموجود في مصرف لبنان إلى حسابه الخاص، ولماذا طلب منه الحاكم تحويل مبلغ الـ44 مليون دولار بموجب شيكات مصرفية إلى المحامي مروان عيسى الخوري، بوصفه ممثل الشركات الاستشارية التي قبضت هذه الأموال عمولة عن الاكتتاب في سندات اليوروبوندز".
وأكدت أن "سلامة تمسّك بموقفه لجهة أن تويني يعرف حقيقة هذه الأموال ومصدرها والجهات المحوّلة إليها، وجدد تأكيده أن المبلغ المذكور لا علاقة له بأموال البنك المركزي، بل هو جزء من الأموال الخاصة المقتطعة من أرباح المصارف التجارية والأفراد".
وبيّنت المصادر نفسها أن "قاضي التحقيق استوضح من تويني عن أسباب قبوله تسلّم هذا المبلغ الكبير من المال، طالما أنه لا يعرف مصدره والغاية من وضعه في حسابه، ومن ثم إصدار شيكات بقيمته وتسليمها إلى مروان عيسى الخوري، فكان ردّ الأخير بأنه نفّذ التعليمات الواردة من الحاكم".