منذ أيام وّجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كتاباً الى 10 وزراء في حكومته، للإستفسار حول عدم تجاوبهم مع قرار لمجلس الوزراء اتخذ العام الماضي ويتعلق بملف النزوح السوري، ومما جاء في الكتاب: "عطفاً على قرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 11 أيلول 2023 أي منذ عام كامل، الذي طلب من الادارات والوزارات المعنيّة كل ضمن اختصاصه القيام بعدد من الخطوات الهادفة الى إدارة ومعالجة النزوح السوري لا سيما التسلل غير الشرعي للنازحين، ورفع تقارير دورية من قبل تلك الوزارات والإدارات حول تنفيذ البنود المطلوبة ليُصار الى تقييمها بشكل دوري من قبل مجلس الوزراء لإجراء المقتضى في ضوء ذلك، وحيث أنه لغاية تاريخه لم يُرفع إلا تقرير واحد أخذ مجلس الوزراء علماً به بتاريخ 12 تشرين الأول 2023، طلب ميقاتي من الوزراء وبالسرعة الممكنة رفع تقرير حول الخطوات المنفذة لغاية تاريخه وتلك التي لم تنفذ مع بيان الأسباب لعدم التنفيذ أو العراقيل التي حالت دون ذلك".
من أصل 10 وزارات، التزمت واحدة فقط بتقديم تقرير وذلك بعد شهر واحد من اتخاذ القرار، وهذا إن دلّ على شيء بحسب مصادر سياسية فإنه يدلّ على حالة التراخي، إن لم يكن التواطؤ في مسألة إبقاء النازحين السوريين في لبنان وعدم معالجة هذا الملفّ لأسباب تتعلق بمواقف أميركيّة وأوروبيّة كانت واضحة بأنها لا ترغب بإعادتهم بل استمرار وجودهم في لبنان لأسباب سياسية.
وتُشير المصادر الى أنّ لبنان يلعب دور المنتظر في هذا الملف علماً أنه أكثر المعنيين به والمطلوب منه أن يكون لاعباً أساسياً فيه، سواء بالنسبة للتدابير التي يجب أن تُتخذ لإدارته بطريقة جيدة، أو حماية حدوده من عمليات التسلل والتهريب، وضبط الوجود غير الشرعي، أو بالنسبة الى التواصل مع الخارج بدءاً من سوريا المعنية الأساسية أيضاً باستعادة مواطنيها، والتي لم ترَ حتى اليوم، بحسب المصادر، نوايا رسميّة جدية لتحقيق هذه الغاية.
لا تنفي المصادر التقصير السوري بمتابعة ملف النازحين، خصوصاً أن القيادة السورية لا تستطيع استقبالهم بظلّ الوضع الاقتصادي الحالي حيث لا فرص عمل ولا حديث عن إعادة إعمار، إنما بنفس الوقت هي لا تستطيع إبقائهم في لبنان دون أيّ أفق للحلول، وعلى لبنان أن يكون المبادر في هذا السياق.
رغم أن لبنان أكثر المعنيين بهذه الأزمة إلا أن التعامل الرسمي الواضح من خلال كتاب ميقاتي الى الوزارات يدل على استهتار كامل، مع العلم أنّ مصادر وزارية تؤكد عبر "النشرة" أن المسألة ليس كذلك بقدر ما هي أولويات، حيث لا يجب أن ننسى أن القرار الحكومي صدر في أيلول العام الماضي، قبل اندلاع الحرب في المنطقة، وفي تشرين الأول الماضي دخلت المنطقة في آتون حرب عنيفة، فأصبحت أولويات الوزراء في كيفية مواجهتها وما تفرضه من أعباء على اللبنانيين، ولم يعد هناك متسع من المساحة للعمل على الملف السوري، دون إغفال الوضع السياسي العام المرتبط بهذا الملف في المنطقة والعالم.
تشهد النظرة الأوروبيّة تجاه سوريا تبدلات ولو بشكل بطيء، كما بدأت دول عربية بتكريس الانفتاح على دمشق، وأخرهم وابرزهم المملكة العربية السعودية التي أعادت افتتاح سفارتها في سوريا، وبالتالي لا يمكن للبنان استمراره بوضع المتفرج أو المتقاعس، ولا يجب التذرع بالحرب كأولويّة، لأنّ ملف النازحين السوريين لا يقل خطورة عن خطر الحرب الدائرة اليوم، ويجب وضعه على قائمة أولويات العمل الحكومي.