بعد المشهد الدموي الذي شهده جنوب لبنان، نتيجة القصف العشوائي والوحشي، الذي قامت به إسرائيل على مختلف القرى الجنوبية، ما أدى إلى تهجير الجنوبيين من منازلهم وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى. في هذا العدوان الذي يعدّ الأعنف منذ بدء عمليّة "7 أكتوبر"، تاريخ "الطوفان الأقصى". لا يُمكن القول إلا أن المسؤولين في إسرائيل "جنّ جنونهم"، إلا أن هذا العمل قابله موقف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي قال إنه "لا يُمكن لحزب الله أن يقف بمفرده ضد دولة يدعمها الغرب ويزوّدها بالسلاح".

اللافت هنا، هو الهدوء في الموقف في مقابل التصعيد الكبير، الذي قامت به إسرائيل في الأسبوع الماضي وبدأته مع عملية تفجير أجهزة "البيجر" وبعدها "اللاسلكي"، ثم عادت واغتالت القيادي في "حزب الله" ابراهيم عقيل وعدد من قادة فرقة "الرضوان"... فما تأثير هذا التصعيد في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط؟!.

"التصعيد الإسرائيلي الأخير غير مسبوق، ويمكن أن نلاحظ أن عدد الذين قتلتهم اسرائيل في يوم واحد يوازي ثلث العدد الذي سقط في حرب تموز". هذا ما يراه الباحث والمحلل السياسي المصري حسن القشاوي، الذي أكّد عبر "النشرة" أن "اللافت أيضاً هو الموقف الإيراني الهادئ، وتحديداً الكلام الذي صدر قبل يوم من العمليات التي قامت بها اسرائيل على جنوب لبنان، والذي شدد على ضرورة العودة إلى المفاوضات النووية"، متسائلاً "هل هذا الموقف نابع عن الرئيس الإيراني أم أنه خطاب السلطة الإيرانية"؟ مرجحاً أن "يكون موقف السلطة الإيرانية التي تخشى من توريط اسرائيل لها".

بدوره، يرى الباحث السياسي السعودي كامل الخطي أن "ما يحدث هو مواجهة أخرى لإيران مع المنطقة". ويلفت إلى أن "الرئيس الإيراني يدرك أن الاحتفاظ بالقوة هو نوع من الردع". ويشير الخطي إلى أنه "اذا ضعف حزب الله سيتخلخل الردع الذي تحتاجه إيران في الاقليم، وبالتالي المطلوب من الحزب أن يشكل العامل الرادع"، معتبراً أن "طهران لا تريد أن يُضرب حزب الله ويتأثر ببناه الأساسية، خصوصاً وأنه ورقتها الرئيسية في التفاوض مع الغرب".

ويلفت الخطي، عبر "النشرة"، إلى أن "الكثير من الفلسطينيين واللبنانيين يرفضون كل ما يحدث لهم"، مضيفاً: "كثر في لبنان يتساءلون لماذا نتورط في هذه الحرب؟ كذلك العديد من الفلسطينيين لم يكونوا راضين عن عملية "7 اكتوبر"، الّتي كانت بهذا الحجم أمام اسرائيل وهي "قوة غاشمة"، خصوصاً وأن العالم لن يقف بوجه تل أبيب". أما القشاوي فيرى أن "اسرائيل تعيش حالة من التهوّر تشبه نكبة 1967"، لافتاً إلى أن "التصعيد الذي تقوم به مقلق"، مشيراً إلى أن "العامل الوحيد الذي يردعها اليوم هو اطلاق رسائل في الميدان، وحتى الآن، باستثناء الهجوم على حيفا، رد حزب الله كان أقل من الهجوم الاسرائيلي، والواضح أن الحزب يشعر بوجود قرار إسرائيلي بالحرب"، مشدداً على أن "الأجندة الاسرائيلية إنتقلت من الرسائل إلى فرض الأمر الواقع".

هنا، يعود الخطي ليشير إلى أن "ظروف غزة مختلفة عن لبنان واسرائيل لا تنظر إلى سكان لبنان بنفس النظرة، لوجود قوى مؤثرة وهي ترفض أن يستخدم جزء من لبنان لادارة المفاوضات في المنطقة"، بينما القشاوي يعتبر أن "ما يمكن أن يوقف اسرائيل هو قلقها من أن الرد اللبناني سيكون مؤذياً، بالأخص للنشاط الإقتصادي لديها، واستمرار الحرب لفترة طويلة معناه توقّف المطارات والحركة الاقتصاديّة".

إذاً، علينا إنتظار الأيام المقبلة لمعرفة ماذا سيحصل بعد التصعيد الاسرائيلي الأخير على لبنان، خصوصا وأننا أمام سخونة غير مسبوقة حتى موعد الانتخابات الأميركية، فهل ينجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في جرّ المنطقة إلى حرب شاملة؟!.