أعرب عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب وليد البعريني عن اعتقاده "بأن التطورات الميدانية تتجه نحو الأسوأ، وبالتالي نحو المزيد من التعقيدات والمآسي، خصوصا في ظل تعاطي الردع الأممي مع الهيستيريا الإسرائيلية بخفة ان لم نقل بلا مبالاة غير مسبوقة، وذلك مرده إلى تحلل الدولة اللبنانية من رأس الهرم حتى قاعدته".
ولفت البعريني في حديث إلى "الأنباء" الكويتية، إلى ان لبنان ما كان ليتعرض لكل تلك المآسي لولا الشغور القاتل في سدة الرئاسة، والذي بات على مقربة من طي السنة الثانية من عمره بسبب التكابر وتمسك كل من الفرقاء السياسيين بمواقفه المعطلة للاستحقاق الرئاسي، علما ان الرئيس لن يأتي وبيده عصا سحرية، لكن مجرد انتخابه على رأس الدولة سيغير في واقع التعامل الدولي مع لبنان لاسيما تجاه وحشية العدوان الإسرائيلي المتمادي واللا محدود.
واعتبر البعريني ان أسوأ ما في المشهدية الراهنة هو ان لبنان يخوض حربان متوازيتان، الأولى مسرحها الجنوب بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، فيما تدور رحى الثانية بين اللبنانيين انفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي ولا تقل خطورة عن الأولى، في وقت اكثر ما تحتاجه البلاد في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية، هو التضامن الشعبي الذي لابد من تحصينه كأحد أهم وأبرز عناصر الصمود في وجه عدو لا يفرق بين مبنى سكني وقاعدة عسكرية، وبين مدني أعزل ومقاوم مسلح.
واعتبر ردا على سؤال ان معادلة توازن الرعب لم تثبت فاعليتها في الميدان. فلبنان يتلقى ضربات العدو الإسرائيلي وسط غياب التكافؤ العسكري بينه وبين حزب الله، ووسط عجز الحكومة ماليا عن تأمين مقومات الصمود. والأهم وسط تراجع إيران عن مساندة حليفها حزب الله أقله في الموقف السياسي، وتركه بالتالي وحيدا في الميدان على قاعدة قبع شوكك بإيدك ومصالحي فوق كل اعتبار.
وتابع: الموقف الإيراني الملتبس، لا بل المتراجع عن دعم حزب الله، وضع الرأي العام المحلي والدولي في حيرة من أمره حول كيفية تفسير الوقائع الميدانية، ورسم بالتالي علامات استفهام كبيرة حول مصير حرب الإسناد والمشاغلة. وما كلام الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لشبكة "CNN" بأن حزب الله أعلن الحرب ولا يستطيع الوقوف في وجه إسرائيل بمفرده، سوى خير دليل على ان المنطقة ذاهبة باتجاه متغيرات قد تفاجئ العالم بأسره.
وأكد البعريني انه من الحكمة بعد ضربات أجهزة البيجر واللاسلكي وسلسلة الاغتيالات التي طالت كبار القادة العسكريين في المقاومة، ان يعيد حزب الله حساباته الميدانية وقراءاته السياسية، بهدف صون موقعه كشريك أساسي في المعادلة اللبنانية ضمن منظومة الوطن الواحد، خصوصا ان لبنان ما عاد يتحمل المزيد من الانهيارات الموجعة والمدمرة، لاسيما الانهيار الاقتصادي والنقدي. فلبنان متروك لمصيره ولابد بالتالي من لقاء وطني موسع بين القوى السياسية دون استثناء، وبحضور كل الفعاليات والمرجعيات الدينية، في محاولة لاجتراح مخارج لبقة من جهنم هذه الحرب التي ستقضي في حال استمرارها على ما تبقى من لبنان الدولة والكيان.
وعودا على بدء، ختم البعريني متوجها باسم كتلة «الاعتدال الوطني» بالشكر الكبير إلى المبعوث الفرنسي الخاص جان إيف لودريان: على جهوده في مساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية. إلا ان طريق الاستحقاق الرئاسي مسدود بإحكام نظرا إلى كون مطابخ العالم بأسره تعمل على انضاج حل للمنطقة غير آبهة بالشغور الرئاسي، علما ان المطلوب وبإلحاح انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، لما في انتخابه من أهمية كبرى في وضع حد للعدوان الإسرائيلي.