وسّعت إسرائيل دائرة عدوانها العسكري على لبنان إلى حرب مفتوحة بلا هوادة وضوابط أو سقوف، وكَسَرَت كل قواعد الاشتباك المعمول بها عُرفًا مع "حزب الله" سابقًا، فاستهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، ومناطق واسعة من الجنوب والبقاع، وحتى جبل لبنان.
ولم تكتفِ إسرائيل بذلك، بل واصلت عمليات اغتيال قادة الحزب البارزين وعلى رأسهم الأمين العام السيد حسن نصرالله، في محاولة يائسة لإرباك صفوفه. سلسلة الاغتيالات طالت مسؤولين في الجناح العسكري، مثل إبراهيم عقيل، وأحمد وهبي، وثلة من قوة الرضوان، وإبراهيم قبيسي، ومحمد حسين سرور، وغيرهم، بالإضافة إلى التفجيرات التي استهدفت أجهزة البيجر والاتصالات اللاسلكية.
الانتخاب والمسيرة
وتقول مصادر سياسية لـ"النشرة"، إن الحزب يواجه تحديات كبيرة بعد اغتيال السيد نصرالله، أولها انتخاب أمين عام جديد يعمل بسرعة على استيعاب الصدمة وإعادة ترتيب الصفوف. ورغم أنّ الضربة قاسية، يتوقع أن ينجح الحزب في لملمة جراحه لاستكمال مشروعه، نظرًا لما يتمتع به من قوة تنظيميّة متينة. ويُرجَّح أن يشهد معركة قد تكون من أخطر المواجهات في تاريخه.
ويتردد في الأروقة والمجالس العامة أن الشيخ نعيم قاسم سيتولي المهام موقتا، كونه نائب الأمين العام، بانتظار انتخاب خليفة للسيد نصرالله، ربما بعد مراسم التشييع. ويُعد من أبرز المرشحين لخلافته، رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، وهو ابن خالة السيد نصرالله وصهر قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي اغتيل في العراق.
جبهة الجنوب
ووفقًا للمصادر السياسية لـ"النشرة"، فإنّ التحدي الثاني يتمثل في جبهة الجنوب اللبناني، بعدما أعلن السيد نصرالله رفضه المطلق لفك الارتباط مع غزة، رغم كل المساعي والمحاولات السياسية والدبلوماسية. التي بذلت لفصلهما، وتوعد بإفشال هدف إسرائيل في إعادة سكان المستوطنات إلى الشمال.
وفي قراءة المشهد الأولي، شدد بيان النعي الرسمي للسيد نصرالله على أن "قيادة حزب الله تعاهد الشهيد الأسمى والأغلى في مسيرتنا المليئة بالتضحيات والشهداء، بأن تواصل جهادها في مواجهة العدو، وإسنادًا لغزة وفلسطين، ودفاعًا عن لبنان وشعبه الصامد والشريف".
بينما أكد الشيخ قاسم في مراسم تشييع إبراهيم عقيل أن "جبهة الإسناد في لبنان مستمرة حتى تتوقف الحرب على غزة، ولن يعود سكان الشمال، بل سيزداد النزوح ويتوسع الإسناد. والحل الإسرائيلي يزيد مأزقهم، فاذهبوا إلى غزة وأوقفوا الحرب. لسنا بحاجة إلى إطلاق التهديدات ولن نحدد كيفية الرد على العدوان، فقد دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح".
قدرة المقاومة
من جهة أخرى، يرى محللون سياسيون وخبراء عسكريون أن سرعة استيعاب الحزب لحادثة تفجير البيجر وأجهزة الاتصالات تعكس قوة حزب الله على استعاد قدرته سريعًا. وهذا ما هو متوقع ان تكرره الآن في استيعاب تداعيات اغتيال السيد نصرالله، إذ لوحظ بعد الإعلان عن اغتياله زيادة عدد الصواريخ الموجهة نحو إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب، مما يدل على استمرار قوّة الحزب وقدرته على مواجهة العدو رغم الخسارة الكبيرة.
وبتوقع هؤلاء (المحللون) أنه رغم الضربات القاسية والخسائر الجسيمة، فإن حزب الله لن يتوقف عن استهداف الكيان الإسرائيلي وسيستمر حتى انتهاء الحرب على غزة، تأكيدًا على رفض الفصل بين جبهة جنوب لبنان وجبهة غزة. ويملك حزب الله خيارات متعددة، خصوصًا بعد تجاوز إسرائيل الخطوط الحمراء وارتكابها للمحرمات وكسر قواعد الاشتباك.
استبعاد الاجتياج البري
في المقابل، يستبعد المحللون حدوث اجتياح بري في المرحلة الراهنة على الأقل، معتبرين أن التهديد بذلك يدخل في إطار الحرب النفسية والتهويل. فهجوم بري سيعطل سلاح الجو الإسرائيلي الذي يتفوق به، بينما رجال المقاومة خبراء في خوض المعارك وإلحاق الخسائر الكبيرة والمؤلمة في صفوف قوات العدو الإسرائيلي.