أثّرت الحرب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير على اقتصادات الدول في العالم وفي الاقليم، خصوصا وأن العديد من تلك الدول كانت تعاني من أزمات اقتصادية بما فيها لبنان الغارق منذ العام 2019 بأزمة اقتصادية خانقة، لتأتي هذه الحرب وتجعله يرزح تحت خسائر اقتصادية ضخمة هذا عدا عن الخسائر البشرية التي خلّفتها الحرب، واسرائيل لن تكون أبدا بأفضل حال وهي تعتمد بشكل أساس على المساعدات الأميركية، والتي أغدقت عليها المليارات. فما هو تأثير الحرب بين لبنان واسرائيل على الاقتصاد العالمي والاقليمي؟.
"لا شك أن للحرب تأثير كبير خاصة وأن لبنان مرتبط بمحور يبدأ منه الى العراق واليمن وفلسطين وسوريا، مما أثّر على الملاحة البحرية وشلّ حركتها في العالم بسبب الصواريخ التي أصابت البحر الأحمر وأقفلت باب المندب". هذا ما أكده رئيس المجلس المالي والإقتصادي للدراسات الدكتور علي كمون، مشيرا الى أن "هذا أدى الى شلّ الحركة البحرية لدى مصر واسرائيل". بدوره الخبير الاقتصادي ميشال فياض أشار الى أن "الاقتصاد الإسرائيلي يقاوم الحرب بشكل عام. وهذه الحرب طويلة وتكلف كثيرا والأموال حتما ستأتي الى تل أبيب"، مشددا على أنه "لا ترغب الحكومة الاسرائيلية في تقليص الأموال المستخدمة لتمويل البرامج الاجتماعية، بما في ذلك الدراسات الدينية للمجتمع الأرثوذكسي المتطرف في إسرائيل، وتعتبر الإعانات غير شعبية إلى حد كبير من قبل العلمانيين الإسرائيليين، لكن الأحزاب الأرثوذكسيّة المتطرفة هي بمثابة تحالف رئيسي لقوة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو".
بدوره أشار الدكتور علي كمون الى أن "تأثير الحرب على الاقتصاد الاسرائيلي أدى الى إنكماش بنسبة 27% بالربع الأخير من العام 2024 مما سبب تدهورا في الصادرات والاستثمارات وانفاق المستهلكين وبالتالي أصبح ايراد اسرائيل صفر نفطيا وتكنولوجيا وزراعياً وسياحياً"، لافتا الى أنه "من المتوقع أن تزداد على الاقتصاد الاسرائيلي التكاليف التي فاقت 140 مليار دولار منذ بداية طوفان الاقصى".
هنا يعود ميشال فياض ليشير الى أن "خدمة "موديز" خفضت الائتمان الإسرائيلية للسنة الثانية على التوالي، بسبب مخاطر الجيوسياسية المستمرة والصراع الذي طال أمده مع حزب الله في لبنان"، لافتا الى ان "التخفيض على إسرائيل نزل من A2 إلى Baa1 مع الحفاظ على منظور سلبي"، مشددا على أن "هذا التدهور يثير مخاوف بشأن قدرة تل أبيب على إدارة مواردها المالية والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي طالما أن الحرب مع حماس وحزب الله تطول دون أن يكون هناك حل واضح في المستقبل". وهنا يشير دكتور علي كمون الى أنه "إذا طال أمد الحرب في اسرائيل فإنه من المحتمل أن تزداد الخسائر، خاصة وأن الانتاج الزراعي من غلاف غزّة قد تدمّر والاستثمارات والتداول بالبورصة العالمية قد سحبتا والموارد التكنولوجية التي تؤمن نصف صادراتها وايراداتها الضريبية والسياحة المدنية والدينية قد توقفوا وشركات التأمين أكدت انها لا تستطيع تسديد ما هو متوجب عليها من التزامات"، مؤكدا على "وجود تراجع التصنيفات الائتمانية نتيجة زيادة المخاطر العسكرية والسياسية والاقتصادية مما يؤدي الى فرض ضرائب جديدة على المصارف حتى تستطيع اكمال الايرادات وجذب الاستثمارات بعد تضرر البنية التحتية بالمناطق المتواجدة تحت صواريخ المقاومة".
حتماً سيكون للحرب على الاقتصاد العالمي والاقتصادي التأثير الكبير. وفي هذا الاطار شرح الدكتور علي كمون أن "لبنان يعاني منذ العام 2019 وسيواجه ضغوطا اضافية بعد بدء الحرب في العام 2024 خاصة وأنه أمام تحديات إقتصادية غير مسبوقة، وبحيث أنه كان يعاني من أزمة ماليّة خانقة بعد ان فقدت الليرة أكثر من 90% من قدراتها وارتفعت معدلات التضخم، والأهم أن لبنان يفتقر الى الدعم المالي والعربي"، مضيفا: "هناك تراجع الاحتياطات في المصرف المركزي بشكل ملحوظ حيث تجاوزت خسائر القطاع المصرفي حوالي 70 مليار دولار، وإنخفض الناتج المحلي بنسبة 70% لنجد أن أكثر من 80% من سكان لبنان باتوا تحت خط الفقر".
يشير الدكتور علي كمون الى أن "اسرائيل وضعت تقديرات لكلفة حربها على لبنان التي بلغت بين 6 و28 مليار دولار، مما يؤدي ويؤشر الى حرب طويلة الامد خصصت اسرائيل منها 8,7 مليار دولار لتغطيتها بشكل مباشر والباقي بشكل غير مباشر لدعم الدفاعات الجويّة، وتمويلها لتحقيق هدفها المنشود من لبنان"، مضيفا: "أما في لبنان فلا يوجد مسح جغرافي واضح للأضرار إلا أننا بحاجة في حد أدنى الى 15 مليار دولار وهي كلفة الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لاعادة الاعمار في حال بدأت اسرائيل بالقصف كما في العام 2006".
إذا كلفة الحرب التي شنتها اسرائيل على اقتصادات الدول باهظة وطالما الحرب مستمرّة فإن الخسائر سترتفع...