تمارس إسرائيل اعنف حروبها التي خاضتها في تاريخها. لم يسبق ان رفعت مستوى هجماتها العسكرية التدميرية إلى هذا الحد، لتقتل اعداداً كبيرة من المدنيين في لبنان بعد غزة.
يؤكد المحللون العسكريون ان زيادة استهدافات المدنيين حالياً، تدل على عجز في تحقيق الاهداف العسكرية، خصوصاً ازاء مجريات المعارك الميدانية، لذلك قد تزداد الاعتداءات الاسرائيلية عبر الجو، في ظل الإخفاق في معارك البر.
كانت تعتقد الحكومة الاسرائيلية ان اغتيال ابرز قيادات "حزب الله" وفي مقدمهم امينه العام السيد حسن نصرالله سيدفع الحزب إلى إعلان الاستسلام والهزيمة، خصوصاً ان الإسرائيليين استبقوا تلك الاغتيالات بتفجير اجهزة الاتصالات التي كان يحملها اربعة الاف عنصر من "لوجستيي" الحزب، اي الذين يؤمنون الخدمات لقيادته وكوادره وقاعدته الحزبية.
لكن استيعاب "حزب الله" للصدمات المتلاحقة، وحفاظه على قدرته في إطلاق صواريخ دقيقة وطويلة المدى، ونجاحه في المواجهات الميدانية على الحدود الجنوبية، خلطوا الحسابات في اسرائيل، مما يفرض تراجع تل ابيب، للدخول في مرحلة التسوية عبر الاميركيين.
متى ذلك؟
عملياً، إذا وجد الاسرائيليون ان محاولاتهم البرية فشلت في تحقيق مآربهم، او تعرضوا إلى خسائر عسكرية كبيرة في معارك الحدود او لدى دخولهم إلى الأراضي اللبنانية، كما يجري الان، سيتراجعون عن مخططاتهم خلال اقل من أسبوعين. مما يؤكد ان المعارك البرية الحدودية في الجنوب هي ستكون الفصل بين مسارين، بعدما اعتقد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو ان بمقدوره التقدم إلى لبنان وسوريا، وفرض شروطه.
واتى الهجوم الإيراني على اسرائيل ليساهم في التخفيف من التصلب الاسرائيلي، ونسف اندفاعة نتانياهو، خصوصاً ان الخسائر في الدفاعات الجوية الاسرائيلية التي اصابتها الصواريخ الإيرانية بدأت تتظهّر. وسرّبت تل ابيب بأنّ الاولوية لترميم تلك الدفاعات الرئيسية، وهو ما يجعل اسرائيل تمتنع عن الرد على ايران، خوفاً من استهدافات إيرانية اكبر وأكثر فاعلية، قد تقود إلى حرب لا تريدها واشنطن.
كل تلك العوامل ستساهم في اعادة احياء المسار الدبلوماسي، مع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية بعد اسابيع، لكن بعد ايام من تصعيد عسكري كبير يعيشه لبنان حالياً.