أشار رئيس مجلس النّواب نبيه بري، تعليقًا عمّا آلت إليه المساعي لوقف إطلاق النّار على الجبهة اللّبنانيّة، إلى "أنّنا ملتزمون بالنّداء المشترك الأميركي الفرنسي الأوروبي العربي، الّذي صدر في 25 أيلول الماضي، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النّار لمدّة 21 يومًا، يتمّ خلالها استكمال المفاوضات بغية التّوصّل إلى اتفاق نهائي لتطبيق القرار 1701؛ وهذا البيان الدّولي يُشكّل الأساس الصّالح لإنهاء العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان".
ولفت، في حديث لصحيفة "الجمهوريّة"، إلى أنّ باريس ولندن تتمسّكان بهذا البيان- النّداء، "أمّا واشنطن فهي معه شكليًّا، لكنّها في الجوهر لا تفعل شيئًا لتنفيذه ولا تضغط جدّيًّا على الكيان الإسرائيلي للتّقيّد به ووقف عدوانه"، معتبرًا أنّ "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "فالت"، ويبدو أنّه هو الّذي يضغط على الولايات المتّحدة وليس العكس، مستغلًا فرصة الانتخابات الرّئاسيّة الّتي يتنافس فيها الدّيمقراطيّون والجمهوريّون على إرضاء إسرائيل، ومُمسكًا الإدارة الأميركيّة من خوانيقها".
وشدّد برّي على أنهّ "ليس أمامنا من خيار سوى العمل على مسارَين معًا: مواصلة المقاومة لمنع العدو من احتلال أرضنا، ومتابعة المسعى الدّبلوماسي لوضع الخطّة الدّوليّة الّتي وافقنا عليها موضع التّنفيذ". وأوضح أنّ "قضيّة النّازحين تشكّل همّه الأكبر في هذه المرحلة"، مؤكّدًا أنّ "حركة "أمل" تفعل أقصى الممكن للتّخفيف من وطأة النزوح على أهلنا الّذين اضطرّتهم الاعتداءات الإسرائيليّة إلى مغادرة منازلهم".
وركّز على أنّ "لديه ثقة تامّة بأنّ النّازحين سيعودون خلال 24 ساعة إلى قراهم وبلداتهم بعد انتهاء الحرب، ولو اضطرّوا إلى نصب الخيام فوق أنقاض بيوتهم، تمامًا كما فعلوا بعد حرب العام 2006"، مشيدًا بالاحتضان الوطني للنّازحين في كلّ المناطق الّتي استضافتهم، حيث فُتحت لهم المنازل والمساجد والكنائس وحتّى بعض الملاهي، وتلاحقت المبادرات الأهليّة والفرديّة من كلّ الاتجاهات لتأمين متطلّباتهم وللتّعويض عن قصور الدولة وتقصيرها.
كما ذكر أنّه "تبيّن بالتّجربة أنّ كلّ الخطط الرّسميّة الّتي كان يُحكى عنها هي نظريّة وورقيّة فقط، ولا ترجمة أو انعكاس لها على أرض الواقع"، ورأى أنّ "هذا التّعاضد العابر للطّوائف والمناطق في مواجهة تحدّيات النّزوح، يعزّز الوحدة الوطنيّة والقدرة على الصّمود، وأنّ تماسك الجبهة الدّاخليّة في مثل الظّروف الحاليّة، لا يقلّ شأنًا ووزنًا عن الصّمود على الجبهة العسكريّة". وبيّن أنّ "السّلوك المشرّف للشّعب اللّبناني خالف توقّعات العدو الإسرائيلي، الّذي كان يفترض أنّ الدّاخل لن يحتضن بيئة المقاومة، بل سينقلب عليها وسيتبرّأ منها وعندها تبدأ الفتنة".
وعن حجم الفراغ الّذي تركه الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، أجاب برّي بتأثّر وغصّة: "لا قدرة لديّ بَعد على الكلام في هذا الموضوع. فأنا والسيّد رفقة درب على امتداد 33 عامًا. لقد قُصم ظهري".
وبالنّسبة إلى مصير الملف الرئاسي، شدّد على أنّ "هناك حاجةً ملحّةً في هذه المرحلة المفصليّة إلى رئيس توافقي للجمهوريّة لا يُشكّل تحدّيًا لأحد"، مبدِيًا استعداده التّام للدّعوة الفوريّة إلى جلسة انتخابيّة "عندما يتبيّن أنّ في الإمكان تأمين أكثريّة 86 صوتًا لأي اسم".
وعمّا إذا كان معنى ذلك أنّ رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية بات خارج السّباق إلى قصر بعبدا؟، استغرب هذا الاستنتاج، مشيرًا إلى أنّ "لعلّه يجري التّوافق على انتخاب فرنجيّة".
وأوضح برّي أنّه وإزاء خطورة الموقف الحالي، لم يَعد مصِرًّا على حصول حوار قبل الانتخاب، "إذ أنّ الحوار هو مجرّد وسيلة للوصول إلى الغاية الأهم وهي انتخاب رئيس يحظى بأكبر دعم ممكن، وبالتّالي إذا استطعنا أن نحقّق الهدف بهذه الطريقة أو تلك، لا مشكلة، فنحن نريد أكل العنب لا قتل النّاطور".
وعمّا إذا كان البعض يفترض أنّ موازين القوى تبدّلت، وبات في إمكانه أن يأتي بالرّئيس الّذي يريد بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان واغتيال السيّد نصرالله، جزم أنّ "كلّ مَن يظنّ ذلك هو واهم"، مضيفًا: "ليس على علمي أنّ توازنات المجلس تغيّرت، أو أنّ أحجام الكتل النّيابيّة تبدّلت، بالتّالي لا يملك أي فريق أغلبيّة تسمح له لوحده بأن يقرّر هوّيّة الرّئيس، ولذلك ندعو إلى التّوافق".
وردًّا على مَن يفترض أنّ "الثّنائي الشّيعي" أصبح ضعيفًا الآن، قال: "في ما يخصّني صحتي من نعم الله جيّدة، أمّا بالنّسبة إلى السيّد حسن فهو نال الشّهادة الّتي كان يتوق إليها، وهذا أكبر فوز له".
إلى ذلك، وعن دوافع عدم دعوة أي شخصيّة مسيحيّة إلى لقاء عين التينة، الّذي ضمّه ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والنّائب السّابق وليد جنبلاط، ما تسبّب بـ"نقزة" لدى الأوساط المسيحية، أشار برّي إلى أنّ "الأمر لا يتعلّق بإقصاء أو استبعاد المكوّن المسيحي، لكن كنّا نخشى من أن تؤدّي دعوة شخصيّة من دون الأخرى إلى حساسيّات وتفسيرات نحن في غنى عنها". وتابع: "على كلٍّ، هذا النّقص في الشّكل حرصنا على تعويضه في المضمون، عبر إصدار بيان وطني بامتياز، أردنا من خلاله توجيه رسائل إيجابيّة، ونأمل من الآخرين ملاقاتنا بالإيجابيّة نفسها".
ولفت إلى أنّ "ميقاتي كان حريصًا على زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لوضع الأمور في سياقها الحقيقي بعيدًا من أيّ تأويلات غير حقيقيّة".
وعن تعليقه على الانطباع السّائد لدى جهات معيّنة بأنّ هناك نوعًا من "ترويكا إسلاميّة" باتت تتفرّد بالحكم وسط غياب رئيس الجمهوريّة، وجد أنّ "لا مبرّر لمثل هذا الانطباع المغلوط، فأنا رئيس للسّلطة التّشريعيّة الّتي تضمّ جميع المكوّنات، وميقاتي رئيس لحكومة تصريف أعمال، وجنبلاط يمثّل ما يمثّل بوطنيّته، ولذا لا يجوز تحميل الأمر أكثر ممّا يتحمل".