منذ لحظات الإعلان عن إغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، بدأت العديد من القوى السياسية في تقديم مجموعة واسعة من الطروحات السياسية، كان أبرزها البيان الثلاثي، الذي صدر عن كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط.
العنوان الأساسي، في هذا المجال، كان الحديث عن كيفية الإنتهاء من الفراغ الرئاسي، عبر الذهاب إلى إنتخاب رئيس للجمهورية توافقي، بعد أن كان بري قد تراجع عن فكرة الحوار المسبق، التي تبين أنها استبدلت بإتفاق النواب على إسم يحظى بتأييد 86 نائباً، الأمر الذي لا يمكن أن يتم من دون الذهاب إلى حوار مسبق حول المسألة.
في هذا السياق، تفيد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه بعيداً عن المبادرة الثلاثية، التي تتضمن بنوداً تتعلق بالمسار التفاوضي جنوباً، كان من الواضح أن في الداخل من يريد الذهاب إلى التعامل مع "حزب الله"، بعد الضربات التي كان قد تعرض لها، من موقع "المهزوم"، وتلفت إلى أنّ ذلك لا ينطبق على الخصوم فقط، بل أيضاً على بعض حلفاء الحزب الذين كانوا يخشون ما هو أكبر مما حصل.
بالنسبة إلى هذه المصادر، الميدان العسكري، لا سيما المواجهات البرية على الحدود، قادت إلى إعادة "دوزنة" المواقف، حيث عاد الحديث عن رفض فرض رئيس تحت النار، وصولاً إلى التأكيد أن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية يعتبر شخصية توافقية، قبل أن يخرج فرنجية نفسه ليؤكد، أمس، أن رئيس المجلس النيابي لا يزال يدعم ترشيحه، مشدداً على المعادلة التي كان قد طرحها أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، قبل أشهر، حول أن المطلوب رئيساً لا يتآمر على المقاومة.
هنا، تؤكد المصادر نفسها أنه في الأيام الماضية، برزت مجموعة من الطروحات التي تقوم على أساس الذهاب إلى إنتخاب رئيس، بعيداً عن موقف "حزب الله" الذي لا يزال منشغلاً بالتطورات العسكرية، حيث كان الإسم الأبرز الذي طرح هو قائد الجيش العماد جوزاف عون، لكن في المقابل صدرت مجموعة من الإشارات الرافضة، بدءاً من الحزب نفسه وصولاً إلى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، إلى جانب رئيس تيار "المردة" الذي يعتبر معنياً أولاً بالمسألة.
في هذا الإطار، لا ينبغي تجاهل موقف قوى المعارضة، التي كانت قد رأت فيما طرح، في الأيام الماضية، تراجعاً عن أجواء المبادرة التي كانت طُرحت في البداية، بالنسبة إلى الرئيس التوافقي، واضعة الأمر في سياق المناورة التي تم التراجع عنها سريعاً، حيث أن بعض أوساطها تذهب، عبر "النشرة"، إلى ربط الأمر بالزيارة التي كان قد قام بها وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي إلى بيروت، معتبرة أن طهران هي من قررت تسلم التفاوض السياسي المباشر عن الحزب.
في هذا المجال، تتوقف المصادر السياسية المتابعة عند ما ورد في بيان نواب المعارضة، أمس، من نقاط، مشيرة إلى أنها تشبه، إلى حد بعيد، ما كان يطرح على "حزب الله" خلال عدوان تموز من العام 2006، رغم أن الجميع يدرك أن ما يطرح لا يمكن أن يقبل به الحزب بأيّ شكل من الأشكال، لا سيّما أن العمليّات العسكرية لا تزال قائمة، وبالتالي لا يمكن أن يطلب منه التسليم بشروط إستسلاميّة، بغض النظر عن العناوين التي يحملها إطارها العام.
في المحصلة، تصف هذه المصادر كل ما يطرح، في الوقت الحالي، بالكلام الفارغ الذي ليس عليه جمركاً، نظراً إلى أن الأمور تتوقف على النتائج التي ستفرز عن المواجهات البرية على أرض الواقع، لا سيما أن إحتمالات توسعها أكثر، في ظل ّالتوتر الإسرائيلي الإيراني المباشر، لا تزال حاضرة، في حين لم تظهر أيّ مبادرة دبلوماسية جدّية لوقف إطلاق النار حتى الساعة.