منذ إنطلاق الموجة التصعيدية في العدوان الإسرائيلي على لبنان، تحديداً بعد إغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، كان من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحظى بـ"رخصة" الذهاب بعيداً، من قبل الولايات المتحدة، بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى تورط إسرائيلي، من الناحية الإستراتيجية، أو توريط أميركا في مواجهة أوسع، تضر بمصالحها على مستوى المنطقة.
من هذا المنطلق، برز، عند إنطلاق العمليات البرية، موقف داعم من واشنطن، نظراً إلى أن الأخيرة لن تكون متضررة، في حال نجحت تل أبيب في إلحاق إضرار في "حزب الله"، من ضمن مصلحتها في إضعاف إيران، خصوصاً على مستوى النفوذ الخارجي، حيث تعتبر الحزب أحد أبرز أوراقها الإقليمية.
بناء على ما تقدم، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه يمكن فهم السعي الأميركي إلى ضبط أو تأخير الرد الإسرائيلي، على الهجوم الصاروخي الإيراني، حيث تعتبر واشنطن، في ظل التهديدات من قبل طهران، أن أي رد خارج الإطار المعقول، من الممكن أن يؤدي إلى خطوة مقابلة، قد تورطها في حرب لا تريدها، بشكل مباشر، مع طهران، أو تؤدي إلى الإضرار بمصالحها.
هنا، تدعو هذه المصادر إلى التمييز بين عاملين، الأول يتعلق بمصالح بعض اللوبيات في أميركا، أما الثاني فيتعلق بمصالح الإدارة الديمقراطية، حيث تلفت إلى أن الجانب الأول قد يكون من مصلحته أن يسعى نتانياهو إل التصعيد أكثر، بينما الثاني لن يكون في مصلحته ذلك، بسبب التداعيات التي من الممكن أن يتركها في الأيام الفاصلة عن موعد الإنتخابات.
وتوضح المصادر نفسها أن نتانياهو، الذي يفضل فوز دونالد ترامب، لا يريد أن يضع كل أوراقه على هذا "الحصان" فقط، بينما لا يمكن تصور أن إدارة جو بايدن، التي تدعم كامالا هاريس، من مصلحتها أن تجد نفسها متورطة في حرب كبرى، سيكون من أولى تداعياتها وضع قواعدها العسكرية في مرمى الإستهداف، بالإضافة إلى رفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية.
في ظل هذا المشهد، من الطبيعي البحث عن السؤال الأساسي، أي مصير العمليات على الجبهة اللبنانية، التي تغيب عنها مؤشرات المفاوضات.
باالنسبة إلى أوساط سياسية مطلعة، في حال لم تذهب إسرائيل إلى رد يقود إلى مواجهة مع إيران، أو على الأقل يفتح الباب أمام جولة من الردود المتسارعة، فإن المسار المرجح هو إستمرار العمليات بالشكل الذي هي عليه، حتى موعد الإنتخابات الأميركية، من دون القدرة على الحسم في مسارها بعد ذلك، بسبب تأثير المرشح الفائز على ذلك.
على الرغم من ذلك، ترى هذه الأوساط إلى أن المسألة قد لا تستمر إلى ذلك الوقت، حيث من الممكن أن تتحرك المفاوضات، في حال حصلت بعض التطورات الميدانية الهامة، كمثل تصعيد "حزب الله" هجماته التي تستهدف المستعمرات، نظراً إلى أن نتانياهو لن يذهب إلى فتح أبواب المسار الدبلوماسي، قبل أن يشعر بكلفة باهظة لما يقوم به، خصوصاً أنه لا يزال يشعر بنشوة "الإنتصارات" الجزئية.
في المحصلة، توضح المصادر نفسها أن التطورات الميدانية، حتى الآن، تؤكد أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على التقدم براً، لكن في المقابل نتانياهو، في ظل عدم تعرض قواته العسكرية لخسائر كبيرة، لن يبادر إلى التراجع، وبالتالي تعود إلى التأكيد بأن مفتاح الحل يكمن بأمرين: الخسائر البرية الكبيرة أو توسيع عمليات إطلاق الصواريخ، وتشير إلى بداية المسار الثاني من خلال العمليات التي حصلت، نحو حيفا على وجه الخصوص، في اليومين الماضيين.