منذ أسابيع، تتخوف العديد من الأوساط السياسية والأمنية، أن يقدم الجانب الإسرائيلي، في حال لم ينجح في تحقيق أهدافه عبر العمليات العسكرية، السعي إلى إحداث فتنة داخلية، خصوصاً في ظلّ الأعباء الهائلة التي تفرضها أزمة النزوح، لا سيما بعد تبيان أن معظم الخطط الموضوعة كانت حبراً على ورق.
في الأيام الماضية، تعززت هذه المخاوف، عند الأوساط نفسها، خصوصاً مع عجز الجيش الإسرائيلي عن إحراز أيّ تقدم برّي، في ظلّ التصدّي الذي يقوم به "حزب الله" في القرى الحدودية، حيث تحدث بعضها، بشكل واضح، عن أن تل أبيب ستسعى إلى إستخدام جميع الأوراق، التي تعتقد أنها من الممكن أن تمثل عامل ضغط على الحزب.
في هذا المجال، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى عمليات القصف التي تطال أهدافا مدنية، حيث تلفت إلى أن الإسرائيلي، من الناحية العملية، لم يعد يبحث عن أهداف عسكرية من الغارات الجويّة، بل عن تدمير أكبر قدر ممكن من المباني والمنازل، معتقداً أن ذلك سيدفع البيئة الحاضنة إلى رفع الصوت عالياً.
وتوضح هذه المصادر إلى عامل أساسي على هذه الصعيد، برز من خلال توسيع دائرة الإستهداف، نحو مناطق لم تكن تطالها الغارات الجويّة، مثل الجية والقماطية وكيفون والمروانية، حيث ترى أنّ الهدف توجيه رسالة بأن ليس هناك من منطقة آمنة، لكنها لا تستبعد أن يعمد الجانب الإسرائيلي إلى ما هو أبعد من ذلك، خصوصاً أنه يعتبر أن لديه فرصة "ذهبيّة"، تفرض عليه السعي إلى إحراز النتائج التي يريدها خلال وقت قصير.
وتلفت المصادر نفسها إلى أنّ تل أبيب، رغم كل الجرائم التي أقدمت عليها، تعتبر أنه ما لم تحقق تقدماً في البر، فهي ستكون فشلت في تحقيق أهدافها، حيث أنها ذهبت، بعد أن كانت تتحدث عن إعادة سكان المستوطنات إلى منازلهم، إلى الإعلان عن السعي إلى تدمير بنية "الحزب الله" التحتيّة، في القرى والبلدات الحدوديّة.
ما تقدم، لن يكون مستبعداً عن الجيش الإسرائيلي، فهو أقدم على إرتكاب الكثير من المجازر في غزّة، على مدى الأشهر الماضية، لا بل عمد إلى ذلك في العديد من المناطق اللبنانية أيضاً، نظراً إلى أنه لا يلتزم بالحد الأدنى من معايير القوانين الدولية الإنسانية، لكن الخطر الأكبر في مكان آخر.
في هذا الإطار، تدعو المصادر المتابعة إلى أن التنبّه ممّا يجري العمل عليه، خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي، من عمليّات تحريض، لم تعد تقتصر على "مساعدة" البعض تل أبيب في تحديد بعض الأهداف أو التحريض على بعض المؤسسات المدنيّة، بل باتت تشمل أيضاً ما هو أخطر، على مستوى بثّ الشائعات التي تطال النازحين في مراكز الإيواء.
هنا، تلفت هذه المصادر إلى أنّ ما يحصل، سواء كان مقصوداً أو نابعاً من حالة الإنقسام القائمة منذ سنوات، لا ينبغي التغاضي عنه أو التقليل من مخاطره، خصوصاً أن الجانب الإسرائيلي من الممكن أن يعمد إلى إستغلاله، في مرحلة لاحقة من العدوان الحالي، على قاعدة أنّ هذا الأمر قد يقود إلى إرباك "حزب الله"، بالرغم من الجهود التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والعسكرية في هذا المجال.
في المحصّلة، تدعو المصادر نفسها إلى عدم التفاعل مع ما يُنشر على هذا الصعيد، بغضّ النظر عن الموقف من "حزب الله"، نظراً إلى أنّ السقوط في هذا الفخ لن يخدم إلا تل أبيب، التي تطمح إلى تعزيز حالة الإنقسام، على أن تترك معالجة أيّ حالة شاذة إلى الأجهزة المعنية، التي تتابع العديد من القضايا المشابهة، لا أن تتحول إلى مادة تستخدم في التحريض الذي لا فائدة منه.