لفت رئيس "التّيّار الوطني الحر" النّائب جبران باسيل، تعليقًا عمّا إذا كان بالإمكان تفادي ما نراه اليوم في لبنان، إلى أنّ "مشروع إسرائيل التوسّعي لن يتوقّف يومًا في المنطقة، لكن كان من الممكن ألّا يحمل لبنان أي مسؤوليّة، أو يعطي أي عذر -ولو كانت لا تحتاج إليه إسرائيل- لتقوم بهذا الاعتداء على لبنان، وهو كان تحت شعار وحدة السّاحات"، مركّزًا على أنّ "لبنان قادر بفعل المقاومة الّتي حرّرت أرضه، أن يدافع عن بلده بطريقة تؤدّي إلى تعاطفي لبناني داخلي أكبر وتفهّم دولي أكبر، لكنّنا خسرنا هذين الأمرين".
وأكّد، في حديث لقناة "فرانس 24"، أنّ "إسرائيل في كلّ الأحوال تريد الاعتداء على لبنان، ولديها دائمًا أطماع في غازه وأرضه ومياهه وهوائه، وتريد تخريب النّموذج اللّبناني، ونرها تقوم بفصل عنصري وتطهير عرقي وحرب إبادة وتخريب النّسيج اللّبناني".
وركّز باسيل على أنّه "يجب أن يكون هناك دعم مسيحي لفكرة قيام دولة فلسطين، وأن تكون القدس عاصمة مفتوحة لكلّ الأديان، ومعنى المسيحيّة هو معرفة كيفيّة التّناغم والتّعايش مع الأديان الأخرى. لكنّنا ولا يوم أعطينا دعمًا لغير فكرة الدّفاع عن لبنان، وهذا كان في وثيقة التّفاهم عام 2006، أي الاستراتيجيّة الدّفاعيّة، ولم نتكلّم يومًا عن استراتيجيّة هجوميّة. لكنّ اليوم لبنان هو المستهدف، ولا وقت للحسابات الضيّقة".
واعتبر أنّ "دخول "حزب الله" في حرب إسناد لغزة كان خطأً، إلّا أنّ ذلك لا يبرّر لإسرائيل ما تقوم به حاليًّا، ولا يعني بأنّها ما كانت لتقوم به في كلّ الأحوال. وفي المستقبل بعد انتهاء الحرب، يجب أن يتمّ وضع استراتيجيّة دفاعيّة فعليّة". وعمّا إذا كان على تواصل اليوم مع "حزب الله"، أوضح أنّه "كانت تربطنا علاقة، وعبّرنا عن أنّ خسارة الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله هي خسارة لكلّ لبنان. وطبعًا اليوم هناك استهداف لقيادة "حزب الله"، ممّا يجعل التّواصل أصعب بكثير ممّا كان عليه سابقًا".
كما أشار إلى أنّ "هناك "حزب الله" العسكري و"حزب الله" السّياسي، أي النّواب في البرلمان الّذين نحثّهم على انتخاب رئيس للجمهوريّة، ويجب المحافظة عليهم"، مبديًا خوفه من "المسّ بهم، وأن يكون المستهدف في هذا الإطار ليس الحزب، بل المؤسّسات الدّستوريّة والانتخابات الرّئاسيّة، لأنّه مطلوب أن تبقى مؤسّسات لبنان مفكّكة وحالته الاقتصاديّة متردّية، وأن يكون في وضع داخلي مضطرب؛ ما يؤدّي إلى فوضى وفتنة داخليّة تَعتقد إسرائيل أنّها تخدمها".
وذكر باسيل أنّ "هناك تفهّمًا لبنانيًّا يجب أن يكون موجودًا لدى الجميع، لأنّ الجيش اللّبناني هو الّذي يجب أن يحمي لبنان وهذا بديهي وطبيعي. لكن إذا احتلّت الأرض اللّبنانيّة، هل هكذا نخدم هذا الهدف؟"، مبيّنًا أنّ "لذلك التّفكير يجب أن يكون حول كيفيّة بناء دولة قويّة في لبنان، وجيش قوي وحماية دوليّة قويّة".
وشرح أنّ "المقاومة نشأت لأنّ القرارات الدّوليّة لم تطبَّق، وباتت هناك قناعة من قبل شريحة من المواطنين أنّ الحلّ الدّبلوماسي والقرارات الدّوليّة لا تحميهم ولا تحرّر أرضهم، فلجأوا إلى المقاومة. بالتّالي إذا المقاومة لم تعد قادرة على القيام بذلك، هل يجب أن تحتلّنا إسرائيل مجدّدًا، أو أن تحفظنا الشّرعيّة الدّوليّة؟".
وشدّد على "أنّنا لا ندعو للاستسلام أمام العدو الإسرائيلي الّذي يشنّ حربًا على لبنان. لكن بعد التوصّل إلى حل ووقف لإطلاق النّار، يجب أن نصيغ كلّنا كلبنانيّين الطّريقة الفضلى للدّفاع عن لبنان".
أمّا في الملف الرّئاسي، فلفت باسيل إلى أنّ "كلّ نائب وفريق له الحقّ أن تكون لديه فيتوهات، لكن لا يجب أن تكون لديه فيتوهات على الجميع. الضّرورة اليوم هي للجمع بدل التقسيم"، ورأى أنّ "في مواجهة هكذا حرب، الانقسام يؤدّي إلى الضّعف وخسارة الجميع. وكلّ اللّبنانيّين الّذين راهنوا سابقًا على الخارج وسلّموا بوصاية أو احتلال من الخارج على لبنان، اعتقدوا أنّهم ربحوا في مرحلة معيّنة، لكنّهم اكتشفوا بعدها أنّ كلّ لبنان خسر؛ فكفانا تكرارًا للتّجارب الفاشلة".
وعن سبب عدم ترشّحه للرئاسة، أوضح أنّ "اليوم لا يوجد توافق على اسمي للرّئاسة، فلم أطرح نفسي من الأساس، لأنّني رأيت إلى أين سنصل. منذ سنتين ونصف السّنة، قلت إنّ البلد بوضع لا يسمح أن نعاند ولو عن حق"، مؤكّدًا أنّ "بقاء لبنان ووجوده أهمّ حتّى من تمثيلنا، ونحن لا نتخلّى عن هذا التّمثيل، بل نجيّره إلى شخص يحسن التّعاطي معه. وندعو الجميع للقيام بهذه التّضحية، والتّلاقي على أسماء تؤمّن حدذًا أدنى من التّوافق، لخلاص البلد".
وختم: "اليوم البلد مهدّد بوجوده، فاحتلال إسرائيل لأرض لبنانيّة، هو أيضًا احتلال لقرار وطني وتهجير، بطريقة تريد تقسيم لبنان وتفريق شعبه. كما أنّ انتخاب الرّئيس اليوم أولويّة قصوى".