منذ لحظة عملية "طوفان الأقصى"، سعت إسرائيل إلى التسويق لسردية أن ما تعرضت له، يشبه ما كان يقوم به تنظيم "داعش" الإرهابي، في العديد من دول المنطقة لا سيما سوريا والعراق، بالتزامن مع تشبيه يوم السابع من تشرين الأول، من العام 2023، بهجمات 11 أيلول، من العام 2001، التي قام بها تنظيم "القاعدة" الإرهابي في الولايات المتحدة، حيث كان الهدف كسب التعاطف الغربي معها، لتبرير كل ما قامت به لاحقاً في قطاع غزة، من مجازر وجرائم بحق المدنيين.
في مرحلة لاحقة، من العدوان على غزة، عندما بدأت تبرز معالم تحول في مواقف بعض الدول الغربية، بالإضافة إلى التحركات الشعبية التي كانت تشهدها مدنها، صدرت بعض المواقف عن التنظيم الإرهابي، التي تدعو إلى تنفيذ هجمات إرهابية، في دول غربية وعربية أيضاً، تحت عنوان "التضامن" مع غزة، في حين كان من المتوقع أن يقود ذلك إلى تداعيات خطيرة، على إعتبار أنه يصب في صالح السردية التي تسعى تل أبيب إلى نشرها.
في هذا السياق، من الضروري دائماً التذكير أن هذا النوع من التنظيمات، يشبه الشركات المساهمة من حيث التكوين، بسبب تأثير العديد من أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية فيها، وهي للمفارقة لم تعمد، في أي يوم، إلى تنفيذ أي عمل أمني ضد المصالح الإسرائيلية، بل على العكس ساهمت، من خلال الجرائم التي قامت بها، في تفكيك مجموعة كبيرة من الدول العربية.
إنطلاقاً مما تقدم، يمكن فهم توقيت الإعلان الإسرائيلي، أمس، عن إلقاء القبض على 5 أشخاص، زعم جهاز "الشاباك" أنهم يؤلفون خلية تابعة لـ"داعش"، كانت تخطط لتنفيذ عملية تفجير مركز تجاري في تل أبيب، في ظل الدعوات التي توجه إلى الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتانياهو، للذهاب إلى وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، بينما هي تُصر على رفض ذلك، زاعمة أنها تخوض حرباً وجودية.
مسار عمل هذا النوع من التنظيمات على مدى سنوات طويلة، حيث كانت تتبنى نظرية قتال "العدو القريب"، أي في الدول التي تتواجد فيها، بالإضافة إلى الرعاية التي حظي بها بعضها من قبل إسرائيل، تحديداً خلال الحرب السورية، حيث كانت ترافق تحركاتها على الأرض مع غارات جوية من قبل تل أبيب، أو من خلال السماح لعناصرها، جبهة "النصرة" الجناح السوري لتنظيم "القاعدة، في تلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيلية، يقود إلى إستبعاد حقيقة ما أعلن عنه "الشاباك".
في المحصلة، قد يكون من المنطقي السؤال عن الهدف الإسرائيلي، من وراء الإعلان عن توقيف خلية تابعة لـ"داعش"، في هذا التوقيت بالذات، حيث من الممكن الإشارة إلى أكثر من هدف، أبرزه العودة إلى سردية الخطر "الإرهابي"، بالرغم من أن جيشها يمارس إرهاب دولة في أكثر من ساحة، من أجل كسب التعاطف الشعبي الغربي، من دون تجاهل هدف آخر، هو الأهم، السعي إلى الترويج بأن كل من يقاتل إسرائيل، من حركات المقاومة، ينتمي إلى هذا الصنف من التنظيمات الإرهابية، ما يبرر إستمرار الإعتداءات التي تقوم بها.