رغم الوضع السيء، إختارت المدارس الخاصة أن تفتح أبوابها وبشكل حضوري، متناسيةً أن الحرب تشنّ على لبنان ولا وجود لمناطق آمنة، فمن يدري متى تقرّر إسرائيل أن تستهدف هذه المنطقة أو تلك. حتى أواخر الأسبوع الماضي، كان الأهل يجهلون مصير العام الدراسي لأولادهم، وكانوا ينتظرون بفارغ الصبر قرار وزارة التربية، الذي صدر الأحد الفائت، لمعرفة إذا "طار" العام أو كيف سيتم استكماله.
رنا أمّ لطفلتين في القليعات تسأل ادارة المدرسة وهي خاصة ماذا ستفعلون؟ فكان الجواب بأننا "ننتظر قرار وزارة التربية لمعرفة ما هي الخيارات المتاحة". بدورها، رانيا أم لثلاثة أطفال، لا يتجاوز سنّ الواحد منهم العشرة أعوام، في إحدى المدارس الكاثوليكية في بيروت، تشير إلى أن القرار الذي اتخذته إدارة المدرسة هو "الجنون بعينه"، وتلفت إلى أن "إدارة المدرسة أرسلت تقول إن التعليم هو حضوري منذ الاثنين الماضي"، وتسأل "الا ترى الادارة أننا في حرب، وإذا قررت إسرائيل شنّ غارات عنيفة، ليس على المنطقة المتواجدة فيها المدرسة، وأصيب الاطفال بالهلع، وقررت الادارة اخلاءها، ماذا يحصل في حينها؟ كيف نصل إلى أولادنا؟ ما هي خطة الاخلاء التي وضعتها المدارس، حتى فتحت أبوابها حضورياً غير آبهة بسلامة الأطفال؟".
"الدولارات" أولاً
"ببساطة لا شيء". هذا ما تؤكده مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، لافتةً إلى أن "المدارس الكاثوليكية فتحت أبوابها وتذرعت ببعض الحجج، أبرزها انقاذ العام الدراسي، ولكن السبب الآخر قد يكون أولاً ماليّا، فهي تريد تحصيل الاقساط، أما السبب الاخر، وهو الأهم، أنها تريد كسر هيبة وزارة التربية عن القطاع الخاص حتى تصبح المدارس الخاصة، بما فيها الكاثوليكية، مستقلّة عن قرارات الدولة وهذا الامر فيه خطورة".
وتذهب المصادر أبعد من ذلك لتشير إلى أن "المدارس الكاثوليكية أرسلت إلى الاحزاب المسيحيّة مطالعة صغيرة، تقول فيها إن التعليم الخاص لا يخضع لسلطة وزارة التربية، والهدف من هذا كلّه تحويل التعليم الخاص إلى شركة تجاريّة خاصة لا تخضع لسلطة الدولة".
ما بين المدارس والوزارة
في هذا السياق، يشير عضو لجنة التربية النيابية ادغار طرابلسي، عبر "النشرة"، إلى أن "المدارس الكاثوليكية أرسلت فعلا هذا المقترح"، لافتاً إلى أنه "عندما علمت وزارة التربية بهذه المسألة، عادت وأرسلت لهم كتابا طلبت فيه توقيع لجان الأهل على فتح المدارس، تحت طائلة سحب توقيع المدراء في المدارس في حال أخلّوا بذلك". وهنا اشارت رئيسة اتحاد لجان الأهل لما الطويل إلى أننا "نرفض توقيع أيّ مستند أو تعهّد من الأهل لتحمّل المسؤولية بفتح المدارس الخاصة"، وتقضيف "هل نحن الدولة لنعرف أين هي المناطق الآمنة وأين لا"؟ لافتة إلى أن "المدارس الكاثوليكية ضربت بعرض الحائط قرار وزير التربية وفتحت بشكل عادي، بمعنى آخر قالتها، لن نخضع لسلطة وزارة التربية".
الاستعانة ببعض الاحزاب؟
ويعود طرابلسي إلى قضية فتح المدارس الخاصة، ليشير إلى أن "بعض المسؤولين عنها ضغطوا على الأحزاب المسيحية، لتأييدهم بفتحها بالمناطق الآمنة، في الوقت الذي فيه المكونات الأخرى للوطن تدعو إلى التمهّل بهكذا، علماً أن المدارس عامة غير قادرة على المباشرة بالتعليم"، مضيفاً: "وزير التربية كان قد طلب تأجيل أخذ القرار حتى وضع خطة شاملة، تأخذ بعين الاعتبار الأماكن الآمنة والطلاب النازحين وطلاب المدارس التي تحوّلت إلى مراكز ايواء"، لافتاً إلى أن "المدارس الخاصة عاجلت بفتح أبوابها غير آبهة بكل الظروف".
المدارس الكاثوليكية تنفي
بدوره، ينفي أمين عام المدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر، عبر "النشرة"، الكلام عن الاستعانة بالاحزاب المسيحيّة لفتح المدارس، أو حتى تقديم مقترح إلى هؤلاء لفصل التعليم الخاص عن وزارة التربية، أو بمعنى آخر ألاّ يعود خاضعا لسلطة الدولة، لافتا إلى أن "هناك تعليم على كلّ الأراضي اللبنانية وكلّ مدرسة ترى ما هو شكل التعليم الأمثل لتعتمده"، شارحاً أننا "مع دور المدرسة ليكون استيعابيا للتلاميذ، وموضوع التعليم الحضوري مرتبط فقط بالمناطق الآمنة نسبياً، وهو حضوري متقطّع"، مشدداً على أنه "حتى المدارس التي لديها الحضور متقطّعا هي ترتبط بإرادة الأهل فقط لا غير".
فتح المدارس رسالة؟
إذا رسمياً فتحت أغلب المدارس الخاصة إبوابها... وتشير المصادر إلى أن "الرسالة سياسية بامتياز ومرسلها بعض الأحزاب المسيحيّة، في حين أن أحزابا أخرى رفضت الدخول في هذا الموضوع، مفادها "لا ناقة لنا ولا جمل" بالحرب الدائرة اليوم وسنفتح مدارسنا بشكل عادي"...
قد يكون هذا الكلام جيّد ويمكن ارسال مثل هكذا رسائل، ولكن هل هو الوقت المناسب؟ والسؤال: من سيتحمّل المسؤولية في حال حدوث أي شيء، خصوصا أن لا مكان آمن في ظلّ الاستهداف الذي تقوم به اسرائيل؟.