أشار مسؤول العلاقات الإعلاميّة في "حزب الله" محمد عفيف، في مؤتمر صحافي على طريق المطار، إلى أنّه "كان من المقرر أن يعقد هذا اللقاء الصحافي صباح هذا اليوم في قاعة المكتبة الوطنية، بعد جولة على وزير الاعلام ورئيس المجلس الوطني للإعلام ووزير الثقافة، وقد تم نقله إلى هنا لاسباب لوجستيه ولما لها من رمزية".
ولفت إلى "أنّني كنت قد عزمت أن أجري معهم نقاشا حول أداء المؤسسات الإعلامية اللبنانية والإعلاميين اللبنانيين وبعض من يصطلح عليه في وسائل التواصل الاجتماعي بالناشطين، وكيف أنّ الساحة الإعلامية مفتوحة على مصاريعها للهواء الإسرائيلي السام دون قيود ولا ضوابط، في غياب القوانين أو في غياب تنفيذ القوانين".
وأشاد عفيف بـ"الإعلاميين اللبنانيين الصامدين في الجنوب خاصة الذين ينقلون حقيقة الوضع الميداني إلى الشعب وإلى العالم، وينقلون جرائم العدو ضد المدنيين والمنشآت المدنية في كل مكان من لبنان لاسيما في الضاحية الجنوبية، وأشيد خاصة بعدد من الصحافيين الأحرار العرب والأجانب والموجودين بيننا في عمق الحرب والمأساة، والذين يشاركونا الألم والأمل؛ وحكاية المقاومة والصمود".
وأجرى "مقارنة سريعة بين الرقابة العسكرية الإسرائيلية المتشددة على وسائل الإعلام في كيان العدو، بما فيها كبريات المؤسسات الإعلامية العالمية المتعاطفة صراحة مع العدو، ومع ذلك فهي لا تتجرأ حتى على انتقاد الرقابة العسكرية نفسها، فضلًا من أن تقول للعدو كفى إن روايتك وسرديتك كاذبة، أنت تقتل مدنيين وتعتدي على بلد وتدمر حياةً واقتصادًا وبنيةً تحتية".
وأوضح أنّه "أما عندنا أي البلد الواقع تحت العدوان، فمن المؤسف أن بعض وسائل إعلامنا تنقل الخبر الإسرائيلي دون تدقيق، وتصدق الرواية الإسرائيلية دون تمحيص مهني، وتتبنى قراءته وسرديته عن الوقائع الميدانية أو عن القصف العدواني، وتنقل وسائل الإعلام اللبنانية مباشرة على الهواء تهديدات رئيس أركان العدو أو الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال وتساهم بنشر المزيد والمزيد من أخباره وصوره وتعليقات إعلامه في إطار الحرب النفسية للعدو ضد المقاومة وضد لبنان فضلًا عن التحريض المتواصل ضد المقاومة وأبنائها وحلفائها".
كما أكّد عفيف أنّ "الحكومة مع الأسف لا تتحرك ولا وزارة الإعلام ولا المجلس الوطني للإعلام، والذريعة دائمًا هي حرية الإعلام"، متسائلًا: "هل الحرية حتى في بلاد الحريات العامة بلا قوانين؟ هل من المنطقي أن يعمد من يسمى زورًا بالناشطين أو الإعلاميين إلى أن ينشر أسماء قرى معينة، ويقول أن فيها مسؤولين من المقاومة أو بيوتًا فيها سلاح وذخائر ويحرض العدو على قصفها؟ هل الحرية الإعلامية أن يتم التحريض على المستشفيات وفرق الإغاثة في الدفاع المدني وسيارات الإسعاف؟ هل يتم التحريض الاستباقي وخلق ذريعة للعدو لحصول مجزرة مستشفى معمداني آخر؟ أين وزير العدل، والمدعي العام، والقضاة المختصون، ومكتب جرائم المعلوماتية؟".
وشدّد على أنّ "العدو يواصل العدو قصف الضاحية الجنوبية، ولا تهدأ الغارات العنيفة فوقها لتطال مبانيها وبيوت مواطنيها. إنها غريزة القتل والوحشية ليست إلا، أما الذرائع الواهية بوجود مخازن أسلحة فلم تعد تنطلي على أحد، إلا أنه لا يوجد مؤسسات دولية تراقب أو تحاسب، ولا رأي عام دولي له وزن أو تأثير".
وبيّن أنّ "العدو يقصف الضاحية بالصواريخ الموقوتة التي تنفجر بعد انتهاء الغارات، من أجل الإيهام بمخازن أسلحة وتضليل الرأي العام، ويمنع عمليات الإنقاذ للمحتجزين تحت الركام، كما يفعل في منطقة المريجة، ويقصف المسعفين وسيارات الإسعاف ويمنع آليات وزارة الأشغال من سد الحفرة على طريق المصنع، بتواطؤ وضغط أميركي خبيث تقوده السفيرة الأميركية في عوكر؛ إنها جريمة ضد الإنسانية"، سائلًا: "في ظل الهيمنة الأميركية على العالم، من سيحاكم من في الجرائم ضد الإنسانية؟".
واعتبر عفيف أنّ "العدوان على بيروت العزيزة بالأمس وأهلها وأهلنا ونحن جزء أصيل منها، هو استكمال لجرائمه المدانة في سائر أنحاء الوطن، والتي أدت إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين تحت ذرائع واهيّة وكاذبة اختلقها ليبرر جريمته الجديدة، لأن هدفه الأصلي هو القتل والتدمير".
وأعرب عن إدانته "العدوان على قوات الأمم المتحدة في الجنوب ومقراتها ومنشأتها"، لكنّه سأل عن "تصرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إزاء هذا العدوان الخطير، إلا ببعض بيانات الإدانة الخجولة". وأشار إلى أنّ "هذا التصرف يؤكد أن العدو لا يسأل لا عن قرارات دولية ولا عن قوات دولية"، متسائلًا: "ألم يقم مندوب الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة علانيّة في قاعة الجمعية العامة وأمام أعضائها الذين لم يحركوا ساكناً؟ هل لنا أن نتذكر أن جمعاً من مواطنينا المدنيين قتلوا تحت خيمة الأمم المتحدة وعلمها الأزرق في مجزرة قانا عام 1996؟ إن ما يردع هذا العدو عن جرائمه هو القوة والمقاومة وليس المجتمع الدولي ولا القرارات الدوليّة".
وذكّر بـ"أنّني قلت في الجولة الإعلامية في الضاحية الجنوبية قبل 10 أيام، أن ضرب تل أبيب ليس سوى البداية، وما حصل في الأيام الماضية في حيفا وفي جوارها يؤكد أننا لا زلنا في البداية، وإلى العدو أقول: لم ترَ بعد إلا القليل من ضرباتنا".
من جهة ثانية، لفت عفيف إلى أنّ "في الوضع الميداني لا سيما على الجبهة الجنوبية فإن المقاومة بخير، وتدير حقل رمايتها وتوقيت صلياتها بما يتناسب مع قراءتها للميدان وظروفه الموضوعية، مخزونها الاستراتيجي بخير. الآلاف من المقاتلين الاستشهاديين الكربلائيين في ذروة الجهوزية وأعلى درجات الاستعداد دفاعًا عن لبنان، وجاهزون للقتال الضروس ثأرًا لدم شهيدنا الأقدس".
وأكّد أنّ "العدو عاجز حتى الآن برغم استقدامهم للمزيد من الفرق والألوية ومن بينها قوات النخبة، عن التقدم برًا إلا في حالات محددة، ولا تزال دباباته تتموضع في الخلف ولا تجرؤ على التقدّم. وإذا سمعتم أو شاهدتم بعض جنود العدو في هذه القرية أو تلك أو صورا قديمة أو جديدة عن هذا النفق أو ذاك، فلا تقلقوا ولا تضعف معنوياتكم، ذلك أن المقاومة لن تخوض دفاعا موضعيا ثابتا، بل دفاعًا مرنا متوافقًا مع متطلبات الجبهة، ومع ظروف كل بقعة فيها، فتنصب له الكمائن وتشرك العبوات وتنفذ الالتفافات وتتنقل بمرونة عالية من الدفاع إلى الهجوم، وتلحق به أفدح الخسائر، وقد بدأ بالاعتراف بها تدريجياً، ودفعته مراراً وتكراراً إلى الانكفاء وإعادة تقييم وضع الجبهة الذي خالف حساباته وتقديراته"، مضيفًا: "مع ذلك، أحب أن أقول لكم أن المقاومين يرفضون الانسحاب من المواقع التي نعتبرها ساقطة عسكريًا ولا جدوى من الدفاع عنها".
وأفاد بأنّه "يدور الكثير من الكلام على شاشات التلفزة والصفحات الأولى وكواليس السياسة، عن استعجال النتائج السياسية في الداخل اللبناني. وقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو صريحا في ذلك لدى حديثه مع الرئيس الفرنسي، وهذا ما بدأ يتكشف تباعاً عن النوايا الأميركية الحقيقية تجاه لبنان، وتعكس بعضه الصحافة الأميركية. وقد لاقاهم بعض السياسيين المحليين، وطفت على السطح عبارات مقززة، ومصطلحات قبيحة لا داعي لذكرها الآن".
وجزم مسؤول العلاقات الإعلاميّة أنّ "المعركة مع العدو لا تزال في بداياتها الأولى، و"بكير بكير بكير كتير" الحديث عن الاستثمار السياسي، فلا تستعجلوا ولا تحرقوا أصابعكم، أو أنكم لم تتعلموا أبدا دروس الماضي. وتذكروا دائما أن الإسرائيلي لا يعمل عندكم أبدا، بل يعمل لمصالحه وحدها".
وركّز على "أنّنا لسنا في العام 1982، عندما وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى بيروت وغيّرت المعادلات السياسية، ومزقت النسيج الاجتماعي اللبناني، بل نحن كأننا في الأيام الأولى من حرب تموز، عندما استعجل القوم إياهم بإطلاق الأحكام النهائية عن هزيمة "حزب الله"، قبل أن يتبين لهم خطأ ما ذهبوا إليه، ويعودوا مجددا إلى رشدهم مع نهاية الحرب؛ ويخرج منها "حزب الله" منتصرًا".
إلى ذلك، شدّد على أنّ "أولويتنا المطلقة الآن هي إلحاق الهزيمة بالعدو، وإجباره بالقوة على وقف العدوان. ومع ذلك، فإن أي جهد سياسي داخلي أو خارجي لتحقيق هذا الهدف مشكور، ما دام متوافقًا مع رؤيتنا الشاملة للمعركة وظروفها ونتائجها، وضمن هذه الرؤية يندرج تمسكنا القاطع بالوحدة الوطنية والتضامن الداخلي".
وتوجّه عفيف إلى "أهلنا النازحين"، بالقول: "أنتم عيوننا التي بها نرى، وقلوبنا التي تخفق في صدورنا، وأنتم أمانة سيدنا وشهيدنا الأسمى، فإن قصّرنا فعذرًا منكم، وإنا عازمون على بذل أقصى ما نستطيع؛ وإن وفقنا في خدمتكم فهو واجب علينا لا منّة لنا فيه.
وخاطب "شعب المقاومة"، قائلًا: "علم أنها شدّة وتزول، ويسر بعد عسر، أفحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. المقاومة ليست إلا أنتم، أنتم المقاومة وأهلها وناسها، وستعودون قريبًا إلى الضاحية وإلى بيوتكم في الجنوب والبقاع، ووعد السيد الشهيد لكم أننا سنعيدها أجمل مما كانت حاضر في قلوبنا وعقولنا، وسنحتفل بالنصر سويًا، إن شاء الله".
وركّز على أنّ "ثقافتنا كربلائية وروحيتنا روحية الاستشهاد، ولكن لتعلموا جميعًا أن هذه المعركة ليست كربلاء وزينب ليست وحدها في الصحراء بلا ناصر أو معين، ولن يقتل الحسين مرتين، بل إنها معركة خيبر، معركة قلع الباب في خيبر، وإن الله معنا وشعبنا اللبناني العظيم بأغلبيته الساحقة معنا، وإلى جانبنا الجمهورية الإسلامية في إيران والعراق العظيم ويمن الحكمة والبطولة وسوريا الصمود وفلسطين الشهادة والأمة العربية الإسلامية والأحرار الشرفاء في العالم".
وختم عفيف: "إن "حزب الله" ليس تنظيمًا فقط، وإن عاد التنظيم إلى تماسكه وفعاليته من أعلى الهرم إلى آخر مسؤول محور وبقعة، و"حزب الله" ليس مقاومة فقط وإن ابتدأت المقاومة تستعيد المبادرة والاقتدار، إن "حزب الله" هو أمة والأمم لا تموت لأن قدرها الانتصار".