تلوح في ظروف هذه الحرب الهمجية التي يشنها العدو الاسرائيلي على لبنان منذ ٢٣ ايلول ٢٠٢٤ والتي بدأت بحجة عودة المستوطنين الى مستوطنات الشمال وعليه وقف ضربات المقاومة الاسلامية على الشمال الاسرائيلي وبالتالي فصل المسار الغزاوي عن المسار اللبناني، فقد تطورت الاهداف الاسرائيلية الى القضاء على حزب الله وهذا ما كان قد اعد له مسبقاً من خلال انفجارات البيجر واللاسلكي قبل اسبوع من الحرب واغتيال اغلب القادة العسكريين من الصف الاول للمقاومة وفرقة الرضوان وما تبعه من الاغتيال الاعظم لسماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعدة شخصيات قيادية مثل الشيخ نبيل قاووق مسؤول الامن الوقائي وادعاء اغتيال السيد هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي للحزب، واستمرت الاهداف الاسرائيلية بالتطور نحو ادعاء تدمير منصات الصواريخ وخازن الاسلحة للحزب، وعليه يتم قصف الجنوب و البقاع والضاحية يومياً بعذهبهذه الحجة.
ولكن هذه الاهداف معلنة انما هناك اهداف مبطنة منذ عام ٢٠٠٦ وحتى منذ مشروع شيمون بيريز ١٩٩٤ وهو الذي يعود التوسع الاسرائيلي نحو سيناء والاردن والجنوب اللبناني كمقدمة لتحقيق حلم اسرائيل الكبرى، وعليه يتم بشكل ممنهج تهجير الجنوبيين من قراهم وحتى من الضاحية التي كانت تحتضن الجنوبيين طيلة عام من حرب مساندة طوفان الاقصى، فلذلك يخشى الجنوبيون ان يستكمل المشروع الى ترحيل ( ترانسفير) للشيعة من لبنان نحو العراق سيما مع تسهيلات غير عادية لسهولة السفر دون باسبور وتأمين الخدمات الكاملة في العراق للنازحين اللبنانيين الذين لم يتخطوا الـ٥،٠٠٠ شخص حتى الساعة مع الشكر الكبير لدولة العراق والمؤسسات الدينية الضخمة في العراق الا انه لا يعني ان هناك عدو لا يدفع نحو الهجرة الى العراق.
ولكن هناك ضمانة عبر التاريخ الى ان لبنان المتنوع لم ولن يتغير لونه تلقائياً، منذ التاريخ القديم لم يستطع العثمانيون تهجير الشيعة رغم المذابح التي وقعت، وحتى لم يستطع الفلسطينيون تهجير المسيحيين في مطلع احداث لبنان ١٩٧٥، وذلك بسبب وقوف باقي الطوائف سيما الشيعة بشخص الامام السيد موسى الصدر الذي رفض تهجير المسيحيين وطلب من الجيش السوري المساندة، اليوم قد يكون مخطط ترانسفير الشيعة الى العراق وارد وأنها فرصة اسرائيلية تحت النار والبارود لتحقيقه.
ولكن ضمانات لبنان المتنوع تاريخياً تحول دون تحقيق هذا الغرض، فالطائفة السنية الكريمة في لبنان لا تستطيع ان ترضى بكسر القوة الاسلامية المستمدة من الشيعة سيما بمواجهة اسرائيل وسنداً للمقاومة الفلسطينية، واما طائفة الموحدين الدروز الكريمة في لبنان لا تستطيع التخلي عن الحليف الاقوى ويصبحون اقلية مقابل المسيحيين سيما في الجبل وعليه فان على دروز الجولان الاستجابة لنداءات وليد جنبلاط بالتأثير على القيادة الاسرائيلية للحؤول دون تهجير شيعة لبنان، والاهم من ذلك كله عدم بقاء المسيحيين الكرماء في لبنان دون المسلمين الشيعة لانهم اكثر اعتدالاً من بعض المتطرفين السنة، وهم من يطرحون صيغة التعايش المشترك في اشد ايام الانشقاقات باعتباره ثروة للبنان يجب التمسك بها، وسلاح الارتباط المسيحي بالقيادة الاوروبية والبابا في روما سيشكل عامل ضمان اضافي خشية البقاء مكشوفين امام البعض واؤكد على بعض المتطرفين السنة الذين يكفرون المسيحيين، وقد يستفردون بهم عبر الدواعش وجبهة النصرة كما حصل في العراق، فالضمان هو مشهد معلولا وموقف الشباب الشيعي ابان الحرب السورية.
في النهاية مهما اختلف اللبنانيون في الصيغة الداخلية، ورغم خروج اصوات الفدراليّة، ورغم الاختلاف حول الاستراتيجية الدفاعيّة، الا انّ في الحقيقة لا أحد ابداً سيبقى مكتوف الايدي تجاه تهجير أحد من الطوائف التي تضمن للبنان وجوده الرسالي والكياني.