أكد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ألا تجزئة ولا استنساب في الحرية والسيادة والاستقلال، لافتاً إلى أنه كما رفض التيار الوصاية السورية في 13 تشرين 1990، اليوم في 13 تشرين 2024 يعلن التيار رفضه للاحتلال الاسرائيلي. ووجّه التحيّة لكل شهيد لبناني، لشهداء 13 تشرين ولشهداء المقاومة اليوم على الجبهات.

واوضح باسيل أنّه في تشرين ١٩٩٠ وقعت خسارة عسكرية ولكن تأسست حركة نضال وطني لتحرير لبنان وتحرّر عام 2005، واليوم في تشرين 2024، اذا وقعت ارض لبنانية مجدداً تحت الاحتلال الاسرائيلي، حتمًا ستُحرّر مثلما حدث عام 2000. ورأى انه وعلى الرغم من صحة انّ اسرائيل لا تحتاج الى ذريعة كي تعتدي على لبنان، وانّها منذ خسارتها في حرب تموز 2006، تحضّر لحرب الانتقام، ولكن الصحيح ايضًا ان اسناد غزّة قدّم لها الاطار الكامل لضرب لبنان، وافقد لبنان المنطق الدائم بأنه هو دائمًا في حالة الدفاع عن النفس ولم يكن يومًا في موقع الهجوم.

وأضاف: "طلبنا الا ينخرط حزب الله بمعركة اسناد غزّة، التي لا سند قانونياً لها، فالرئيس عون قال لهم انه خائف على لبنان وعليهم. ونحن ما زلنا نطالب بفصل لبنان عن غزّة، ومنذ ستة اشهر رفعنا مذكّرة خطية لعدّة دول وللمسؤولين اللبنانيين لاصدار قرار اممي لوقف اطلاق النار في بمعزل عن غزّة. بعض مناصري حزب الله استهزؤوا بالطلب، والمسؤولون اللبنانيين والدول المعنية لم يستجيبوا الى ان طالب الاجتماع الثلاثي من عين التينة والحكومة بمقترحنا نفسه."

ودعا مجدّدا لموقف لبناني جامع بمشهد جامع يعلن عن وقف النار من جانب لبنان. وأوضح أن ذلك ليس ابداً تسهيلاً لاحتلال إسرائيلي لأي ارض لبنانية، بل لتعرية العدو ومنعه من محاولة احتلال الأرض، مشيراً إلى ان مخطّط اسرائيل لم يتبدّل منذ وقت انشائها. وتابع: عقيدتها المستمدّة من الاسطورة بغطاء الدين، عنوانها اسرائيل الكبرى التي تجمع شتات اليهود من الغرب والشرق تحت اسم الشعب المختار وتحتل أرض غيرها تحت اسم ارض الميعاد الممتدّة من النيل الى الفرات وتأخذ في طريقها قسمًا من لبنان. لهذا وبغض النظر عن "اعتراضنا" الكبير على وحدة الساحات وفشلها، وعن حرب الاسناد وعدم فعاليتها بعدما صار لبنان بحاجة للاسناد، نحن اليوم في قلب المعركة لمنع العدو الاسرائيلي من احتلال "ارضنا" مجدداً".

واكد باسيل ان اسرائيل لا تستهدف حزب الله وحده بل كل لبنان بأرضه وشعبه، وقال: والتيار في قلبها بالتضامن الانساني والمجتمعي اولاً وبال​سياسة​ والدبلوماسية والوحدة الوطنية ثانيًّا. ورأى أن اخطر ما تقوم به اسرائيل في هذه هو التدمير الممنهج للمباني والتهجير المنظّم للأهالي، بشكل لا يسمح لهم بالعودة قريباً. وأوضح: اسرائيل متخصّصة بعمليات الترانسفير السكاني، وسبق انها مارسته بإتقان ضد الفلسطينيين من عام 1948 وصولاً لغزّة اليوم والضفة غدًا، وهذا الترانسفير تطلقه ايضًا ضد اللبنانيين وتحديداً الشيعة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، لتدفعهم باتجاه جبل لبنان والشمال وسوريا وصولاً للعراق وايران. وشدد على أن عملية افراغ لبنان من الشيعة هي مؤامرة لافقاده أحد مكوّناته التأسيسية وهي بالتالي ضرب لوجوده، ولفت الى ان ذلك لا يعني فقط تمزيق النسيج المجتمعي اللبناني المتنوع والغني، انما التحضير لفوضى داخلية والدفع لفتنة مذهبية وصولاً لحربٍ اهلية، فأي محاولة لعزل الطائفة الشيعية واستهدافها واستضعافها هو تخريب للبنان وضرب لكل مكوّنات شعبه".

وحذّر من التورّط بمخطّطات تهدف إلى فرز اللبنانيين وتقسيم وطنهم وضرب وحدتهم. وقال: فهذا مبتغى اسرائيل، التي تعتبر النموذج اللبناني نقيضًا لأحاديّتها وتهديد لوجودها، وهي تريد ان تحيط نفسها بدويلات طائفية متناحرة، في سوريا والعراق ولبنان وهذا مشروعها من سنة 75. وأكد باسيل انه من الواجب مواجهة المشروع بالحفاظ على صيغة لبنان الموحّد والمتنوّع وبالتصدّي للترانسفير الديمغرافي وباحتضان شعبنا المهجّر من ارضه الى ان يعود إليها بأمان.

وأكد الاستمرار برفع الصوت لفضح تآمر الذين ينتظرون على رصيف التاريخ وعدم السماح لهم بجرّ لبنان والمسيحيين لاوهام جديدة ومغامرات مكلفة وخاسرة. ولهذا حمّل باسيل الأجهزة العسكرية والأمنية، وحتّى الناس، مسؤولية الحفاظ على أمن جميع اللبنانيين ومنع اي فتنة بين الضيوف الاحبّاء وابناء المناطق يلي استقبلتهم.

ونبه باسيل المجتمع الدولي ان مثل هذا الاحتلال، "إذا حصل لا سمح الله، يشرّع كل سلاح ولو من خارج منطق الدولة وخارج الاستراتيجية الدفاعية التي نريدها بأهداف لبنانية حصراً وبقيادة الدولة وغير مرتبطة بالمحاور". وقال: "أي احتلال اسرائيلي مستدام لأي بقعة من لبنان ليس لمصلحة تأمين استقرار مستدام على الحدود اللبنانية، ولا يساعد لفصل لبنان عن المحاور الاقليمية، بل يكرّس الواقع اللبناني كجبهة مواجهة مسلّحة ضد الاحتلال، ويتحوّل لبنان لساحةٍ مفتوحة يتجمّع فيها مقاتلون من فلسطين وسوريا والعراق واليمن وايران وصولاً الى باكستان وافغانستان، وكل هذا على حساب الدولة الوطنية والاستقرار الدائم.

وأضاف: "كما انّ اطالة امد الاحتلال تعني نزوحاً مستداماً في الداخل اللبناني المكتظ اساساً بالنازحين واللاجئين، ما يضرب الاستقرار الداخلي ويساهم بتفكّك اضافي لبنية الدولة، ويؤدي الى تعزيز نزعة التسلّح والحماية الذاتية عند كل المكوّنات".

ورأى ان هذه اللوحة السوداوية، تحوّل كل مساحة لبنان العربي البلد المؤسّس لجامعة الدول العربية، لساحة صراع ايراني – اسرائيلي، يتصارعون فيه وبمقدّراته وبشعبه مثل حجار الشطرنج؛ بدلًا من أن يكون لبنان في قلب الصراع العربي – الاسرائيلي ويحصّل بقوّته، وبدعم ايران وغيرها، حقوقه الضائعة بالارض والثروات ويوقف الاعتداءات ويعيد النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين.

وأكد باسيل: "يجب ألا نقبل أبدًا بتقديم تنازلات على حساب القرار السيادي للدولة اللبنانية، ويجب المطالبة بتنفيذ فعلي للقرار 1701 من الجانبين الاسرائيلي واللبناني؛ط. وقال: حان الوقت للبنانيين ان يختاروا مصالح لبنان الصرفة، على حساب مصالح اي محور بعد ما ظهر وثبت ان بعضها اصبح الى حد بعيد متناقض مع المصلحة اللبنانية."

أضاف في موضوع منظومة حماية لبنان:" نحن نريد اولاً لبنان وطنًا آمنًا يحميه جيشه باستراتيجية دفاعية تستفيد من جميع عناصر قوّته ويكون القرار فيها للدولة الحاضنة للجميع. ونريد لبنان ثانياً وطن الـ 10452 كلم²، لا تكون ارضه ساحة اختبار وتصفية حسابات ولا يكون ابناؤه حرس حدودٍ عند أحد ولا جنودًا بخدمة أحد. ونريد ثالثاً تحييد لبنان عن اي صراعات خارجية لا مصلحة له فيها، لأننا نخاف ان يدفع الثمن مرتين: مرّة ثمن التناحر بين المتصارعين ومرّة ثمن التفاهم بين المتصالحين. "

وأوضح أن حرب اسناد غزّة أفقدت لبنان معادلة الردع، وقال: "وفجأة، وجد لبنان نفسه من دون الحماية التي تأمّنت له بعد عام 2000 ابان التحرير وترسخّت عام 2006 بعد حرب تموز، وفشل قرار وحدة الساحات بحماية لبنان، الذي بات صار مكشوفًا من دون أن تدافع عنه اي دولةٍ من محور الممانعة".

وأكد باسيل:" لم يكن لحرب اسناد غزّة اي هدف لبناني، وبفعل العدوان الاخير صارت اسرائيل تشترط اطلاق اسراها من غزّة من بين شروط وقف الحرب على لبنان. فاسرائيل تتفوّق" بالسيطرة على التصيعد" وبالقوّة النارية والقدرة التدميرية والخرق الاستخباري؛ امّا مقاومتنا فلا تمتلك قدرات تدميرية موازية، او حتى متقاربة، لوقف الوحش الاسرائيلي".ولفت الى انه بينما لم يتدخّل باقي اعضاء محور المقاومة مباشرةً لاسناد المقاومة، انخرط اطراف المحور الآخر وعلى رأسهم اميركا بالمعركة مباشرة إلى جانب اسرائيل. فصار من الواضح ان ايران لا تعتبر لبنان جزءً من امنها القومي، واذا كان القضاء على حزب الله خطًّا احمر لا تسمح فيه، الاّ انّها رغم كل ما حصل، لم تتورّط بعد بحرب مباشرة لوقف تهديم لبنان ولن تعرّض امنها القومي وبرنامجها النووي لخطر التهديد من اسرائيل واميركا . وفي بالمقابل اسرائيل، ومن معها او من ينتظرها في الداخل، وحان دوره ليشعر بفائض القوّة، يخطئون التقدير اذا اعتبروا ان حزب الله فقد نهائيًّا قدرة الدفاع عن ارض لبنان".

واعتبر ان تعديل ميزان القوى لايزال ممكنًا من خلال منظومة بديلة عن قوّة الردع التي فقدتها المقاومة". وأوضح: وهذا البديل هو الأصيل وهو الدولة اللبنانية القادرة ان تستجمع اولاً في استراتيجيتها عناصر القوّة المتبقية لدى المقاومة، وتعزّزها ثانياً بجيش قوي يوافق الـمجتمع الدولي على تسليحه ليكون ضامن للاستقرار على الحدود وفي الداخل، ومدعومًا ثالثاً بقرار دولي جديد بوقف اطلاق النار مبني على القرار 1701، ويتّوج هذا كلّه رابعاً باتفاق لبناني اقليمي دولي يؤمّن الحماية والاستقرار للبنان على قاعدة تحييده عن الصراعات وتعزيز سيادته واستقلاله، ويتحصّن كل ذلك خامساً بوحدة وطنية ترسم للبنان دوره المستقبلي من خلال حوار يرأسه رئيس جمهورية لبنان تعاونه حكومة انقاذ وطني".

وفي موضوع رئاسة الجمهورية، لفت رئيس التيار الوطني الحر إلى أنّ امورًا كثيرة تحزنه في هذه الحرب، على رأسها خسارة قائد استثنائي مثل سماحة السيّد حسن نصر الله واستشهاد وجرح آلاف اللبنانيين، مضيفاً: ولكن اكثر ما يؤلم هو قلّة ادراك عدد كبير من السياسيين لحجم المسؤليات الملقاة "علينا" لانقاذ "بلدنا". وسأل :"هل يعقل ان كل الذي يجري لا يحثّ البعض على الاستعجال لقيام سلطة دستورية ميثاقية تقود اللبنانيين بمواجهة الحرب وتفاوض باسمهم للتوصّل الى حلول مشرّفة؟ وهل من المقبول وجود جهات لا تأبه لإضعاف صمود اللبنانيين بمنع انتخاب رئيس الاّ بعد وقف اطلاق النار، وهم يعرفون ان نتنياهو لا يرضى بوقف اطلاق النار قبل تحويل لبنان الى غزّة اخرى؟ وان اسرائيل لا تريد السماح الآن بانتخاب رئيس جمهورية ويمكن أن تسعى لمنعه بعدوانها؟"

وأضاف: من جهة ثانية هناك من يريد تأخير انتخاب الرئيس، على امل وصول لحظة امساك اسرائيل بالقرار اللبناني لتتمكن من فرضه رئيسًا على اللبنانيين وكأنه لم يتّعظ من ماضيها. وتوجه للفريق الأول قائلًا :" ألا يكفي ما وصلنا اليه لتقتنع بانّك من دون الدولة لن تستطيع ان تنتصر وان الهزيمة امام اسرائيل ليست خسارة حزبك لوحده بل هي وبال على لبنان الوطن والشعب؟"

أما الفريق الثاني فقد توجه باسيل اليه موضحًا أن الحرب كشفت وتكشف تجارًا مستعدين لبيع الهيكل، للمساومة على السيادة، وللتخلّي عن الأرض مقابل وعود او احلام او اوهام بالموقع الأوّل بالسلطة. ومن نفوس ضعيفة تستهويها الخيانة وهي مستعدّة ان تهلّل للمعتدي وتبشّر بالاحتلال وتروّج لمؤامرة تهجير قسم من شعبنا الى الخارج.

وتوجه باسيل للذين يراهنون على الاحتلال من جديد، منبّهًا أن التاريخ لن يعود الى الوراء واذا عاد فتذكروا كم كانت النهاية مؤلمة والخسارة كبيرة وطالت الجميع تهمةً وسمعةً. ولا يتوهمنّ أحد انه قادر بملاقاة الاحتلال أن يفرض اجندته التقسيمية، فلنأخذ عبرة من الماضي.

وأكد باسيل: نحن في التيار يبقى ايماننا بوحدة لبنان الكبير وبدولة على رأسها رئيس يجمع كل اللبنانيين، نبحث عنه بالتواصل مع كافة الكتل النيابية للبحث بأسماء المرشحين لنرى على من يتقاطع اللبنانييون اسماً جامعاً. وكشف: سنتواصل مع كل الدول الفاعلة للمساعدة في اغاثة شعبنا المهجّر، وللضغط توصلاً الى قرار دولي بوقف اطلاق النار، ولتأمين دعم خارجي للحفاظ على لبنان، مدخله انتخاب رئيس لا يحاول احد فرضه علينا تحت ستار انتصار اسرائيل على لبنان فإسرائيل لم ولن تنتصر، ولا يمنعه احد ايضاً تحت ستار ان المحور لم يقرّش بعد اثمان ما دفع في هذه الحرب، فالمحور لن يستطيع التقريش في هذه الظروف."

أكّد:"نريد رئيساً يفهم كيف يحوّل هذه الحرب المدمّرة فرصةً لاستعادة الدولة القوّية، فلا يقوى عليها اي فريق داخلي ولا يستقوي عليها العدو الاسرائيلي. رئيس يدرك ان مأساة نزوح ما يزيد عن مليون لبناني هو مناسبة لعودة ما يزيد عن مليون نازح سوري الى بلده بعدما عاد اكثر من 330 الف حتى الآن من دون عائق لا لبناني ولا سوري ولا اممي. رئيس يعرف ان التحدّي هو في حماية وحدة لبنان والتصدّي لمحاولة عزل مكوّن لبناني، فنحتمي ببعضنا من الأخطار لا ان نتفرّج على اوجاع بعضنا، ونحمي وطننا تحت سقف الدستور، ووثيقة الطائف، نحتمي بالشرعية الدستورية وليس بالعودة الى شريعة الميليشيات. رئيس يعمل لأن يكون لبنان منصة غاز ومعبر بضائع بدل ان يكون منصّة ارهاب ومعبر مقاتلين. رئيس يدعو كل اللبنانيين بمشهد جَمَاعي، لا ثنائي ولا ثلاثي ولا رباعي، يدعوهم الى وقف الحرب دون استسلام، فالاستسلام لا يصنع السلام. رئيس يجمع اللبنانيين لمقاومة اي احتلال للأرض، للقرار، للثقافة، للفكر وللاقتصاد.

وتابع باسيل: رئيس يعيد وصل لبنان بكل الأمم، عربية وخليجية وغربية، ويقود عملية اصلاح حقيقية، في النظام والاقتصاد والمال، رئيس موثوق يعيد اعمار الحجر واعمار الثقة بلبنان. رئيس يدير التفاوض فننجز اتفاق النقاط البرية العالقة كما انجز الترسيم البحري الذي انتصر به لبنان والذي يريد الاسرائيلي الغاءه بعدما اعتقد الآن نفسه منتصراً. رئيس يعرف ويلتزم ان الدخول في المحاور هو مغامرة فاشلة، اياً كان هذا المحور."

وأكد انّ البحث سيبقى مستمرًّا للتوافق على هذا الرئيس دون يأس. وأضاف:" لن نتعب من الوقوف الى جانب اهلنا المتألمين والخائفين على وجودهم نحن نسمعكم ونشعر معكم ولو مهما اختلفنا بالسياسة، الى اي طائفة انتميتم وبأي حزب آمنتم. وختاماً وجه رئيس التيار تحيّة لكل صحافي يخاطر وحتّى يستشهد لينقل للعالم حقيقة الوحشية الاسرائيلية. ولكل من تحرّك للمساعدة بنخوة وطنية وبروح انسانية وختم قائلاً:" نحن لبعضنا، ونمدّ كل لبناني بالأمل بالبقاء وبالقدرة على البناء. فهذا هو لبنان الذي نريد، وهذا هو التيار الذي يعمل لهذا اللبنان."