أشار البطريرك الماروني الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​، خلال ترؤّسه قدّاس الأحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجيّة للصّرح البطريركي في بكركي "كابيلا القيامة"، إلى أنّ "بتاريخ 7 تشرين الأوّل الحالي، وجّه ​البابا فرنسيس​ رسالةً إلى المسيحيّين في الشّرق الأوسط، أتلوها عليكم لعزائكم وتشجيعكم. أفكِّر فيكم وأُصلِّي من أجلكم. قبل سنة اشتعلت شرارة الكراهيّة، ولم تنطفئ بل تفجَّرت في دوامّة من العنف، وسط العجز المخزي في الأسرة الدّوليَّة والدّول الكبرى عن إسكات الأسلحة، ووضع حدٍّ لمأساة الحرب".

ولفت إلى أنّ "البابا فرنسيس تابع: الدِّماء تسيل، والدُّموع أيضًا. الغضب يتزايد، ومعه الرَّغبة في الانتقام، ويبدو أنَّ لا أحد يهتمُّ بما يُفيدُ ويريده النَّاس: الحوار، والسَّلام. لن أتعب من التِّكرار والقول إنَّ الحرب هزيمة، وإنَّ الأسلحة لا تبني المستقبل بل تدمِّره، وإنَّ العنف لن يجلب أبدًا السَّلام. وأنتم، أيُّها الإخوة والأخوات في المسيح الَّذين تسكنون في الأماكن الَّتي تتكلَّم عليها الكتب المقدَّسة، أنتم قطيع صغير أعزَل، متعطِّش للسَّلام. شكرًا لكم على ما أنتم، شكرًا لأنَّكم تريدون البقاء في أراضيكم، شكرًا لأنَّكم تعرفون أن تصلُّوا وتحبُّوا رغم كلِّ شيء. أنتم بِذار أحبَّها الله، مغروسون في أراضيكم المقدَّسة، تصيرون براعم أمل، لأنَّ نور الإيمان يقودكم إلى الشَّهادة للحبّ بينما يتكلَّمون حولكم على الكراهيّة، وإلى اللّقاء بينما يسود الصِّراع، وإلى الوَحدة بينما يتحوَّل كلّ شيء إلى الخصام. أتوجَّه إليكم بقلب أبَويّ، يا أبناء الكنائس العريقة، وهي اليوم كنائس "شهداء".

وأضاف الرّاعي نقلًا عن البابا فرنسيس: "إليكم، أنتم بِذار السَّلام في شتاء الحرب. إليكم، أنتم الَّذين تؤمنون بيسوع "الوَديع مُتواضِع القَلب" (راجع متّى 11، 29) وفيه تصيرون شهودًا لقوَّة السَّلام من غير سلاح. النَّاس اليوم لا يعرفون أن يجدوا السَّلام، ونحن المسيحيّين يجب ألَّا نتعب من أن نطلُبَه من الله. لذلك، دَعَوتُ الجميع اليوم إلى أن يعيشوا يوم صلاةٍ وصوم. الصَّلاة والصَّوم هما أسلحة الحبّ الَّتي تغيِّر التَّاريخ، الأسلحة الَّتي تَهزِم عدوَّنا الحقيقي الوحيد، روح الشَّرّ الَّذي يغذِّي الحرب، لأنَّه "مُنذُ البَدءِ قَتَّالٌ لِلنَّاس"، و"كَذَّابٌ وأَبو الكَذِب" (يوحنّا 8، 44)".

وتابع نقلًا عن الرّسالة: "في قلبي شيء أودُّ أن أقوله لكم، أيُّها الإخوة والأخوات، وأيضًا لجميع الرِّجال والنِّساء من جميع الطَّوائف والأديان الَّذين يتألَّمون في الشَّرق الأوسط من جنون الحرب: أنا قريبٌ منكم، أنا معكم. أنا معكم، أنتم الـمُجبَرين على ترك بيوتكم، وترك المدرسة والعمل، مشرَّدِين تبحثون عن أيّ اتجاهٍ للهرب من القنابل. أنا معكم، أنتنَّ الأمَّهات اللّواتي تذرفن الدُّموع وتنظرن إلى أبنائكنَّ الَّذين ماتوا أو جُرِحوا. ومعكم، أنتم الصِّغار الَّذين تسكنون أراضي الشَّرق النَّبيلة، حيث مكائد الأقوياء تسلِبكم حقَّكم في اللَّعب. أنا معكم، أنتم العطاش إلى السَّلام والعدل، الَّذين لا تستسلمون لمنطق الشَّرّ، وباسم يسوع “أَحِبُّوا أَعداءَكم وصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِديكُم” (متّى 5، 44)".

وختم: "شكرًا لكم، أنتم أبناء السَّلام، لأنَّكم تعزُّون قلب الله الَّذي يجرحه شرّ الإنسان. وشكرًا لجميع الَّذين يساعدونكم، في كلّ العالم، إنَّهم يرون فيكم ويعالجون المسيح الجائع، والمريض، والغريب، والمتروك، والفقير والمحتاج، وأسألكم أن تستمرُّوا في عمل ذلك بسخاء. وشكرًا لكم، أنتم الإخوة الأساقفة والكهنة، الَّذين تحملون تعزية الله في العزلة البشريَّة. أسألكم أن تنظروا إلى الشَّعب المقدَّس الَّذي دُعيتم إلى أن تخدموه. اتركوا الله يَمَسُّ قلوبكم، وتخلّوا عن كلِّ انقسام وطمع من أجل محبَّة مؤمنيكم".