منذ السابع من تشرين الأول من العام الماضي، يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه ماض في مخططاته الإرهابية حتى النهاية، بغض النظر عن التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك، لا سيما أنه لم يتعرض، حتى الآن، لأيّ ضغوط جدية من الممكن أن تدفعه إلى وقف العدوان، سواء كان ذلك على قطاع غزة أو لبنان.
الضغوط المنتظرة، هي فقط تلك التي من الممكن أن تبادر إليها واشنطن، وهي لا تزال تقدم مختلف أنواع الدعم لتل أبيب، سواء كان ذلك على المستوى العسكري أو المالي أو الدبلوماسي، في حين أن باقي القوى الدولية عاجزة عن هذا الأمر، بدليل عدم إكتراث نتانياهو لكل الدعوات، خصوصاً من قبل الدول الأوروبية، التي وجهت إليه لتفادي إستهداف قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل".
إنطلاقاً من ذلك، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الولايات المتحدة شريك أساسي في الحرب، لا بل من الممكن الحديث عن أنها تتولى إدارتها بشكل مباشر، على إعتبار أن العديد من العمليات العسكرية والأمنية، ما كان من الممكن أن تتم من دون دعم مباشر منها، نظراً إلى أنها لا تزال تعتبر أن نتانياهو، رغم الإعتراضات عليه، قد ينجح في تحقيق بعض "الإنجازات" التي يمكن الإستفادة منها، لا سيما على مستوى الصراع مع إيران، الذي يأخذ إشكالاً متعددة.
هنا، تلفت هذه المصادر إلى أن الأمر لا يتوقف على الإستحقاق الإنتخابي في الولايات المتحدة، حيث تؤكد أن الموضوع أكبر من ذلك، نظراً إلى أن الرئيس الأميركي المقبل، سواء كان المرشح الجمهوري دونالد ترامب أو المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لن يبتعد عن المسار الحالي، خصوصاً أن دعم تل أبيب بكافة الوسائل هو من القضايا التي يتوافق عليها الحزبين، بغض النظر عن بعض الإختلافات التكتيكية لا الإستراتيجية.
من حيث المبدأ، لا يزال العنوان الحاسم، بالنسبة إلى العدوان على لبنان، هو الميدان العسكري، أي العمليات التي يقوم بها "حزب الله" بعد أن نجح في إستعادة زمام الأمور على المستوى التنظيمي، سواء كان ذلك من خلال التصدي لأي محاولة تقدم بري من قبل الجيش الإسرائيلي، أو عبر إستمرار إطلاق الصواريخ نحو المستعمرات والقواعد العسكرية داخل إسرائيل.
في هذا الإطار، تلفت المصادر السياسية المتابعة إلى أنه، منذ أكثر من أسبوع، لم يعد لدى الجانب الإسرائيلي من أهداف قادر على تحقيقها عبر الغارات الجوية، التي باتت تقتصر على إستهداف المدنيين وتدمير المباني السكنية، في حين هو، على مستوى العمليّات البرية، لم ينجح في تحقيق أيّ تقدم يمكن البناء عليه، على عكس ما هو الوضع لدى "حزب الله"، الذي قرر الإنتقال نحو مرحلة جديدة من العمليات، في ظلّ الضغوط السياسية التي يتعرض لها، سواء كان ذلك عل المستوى الداخلي أو الخارجي.
ضمن هذا السياق، تقرأ هذه المصادر الهجوم الذي إستهدف قاعدة "بنيامينا"، مساء الأحد، حيث تؤكد أن المطلوب كان "تأديب" رئيس الوزراء الإسرائيلي، لدفعه إلى "الإستفاقة" من نشوة "الإنتصار" التي يشعر بها، خصوصاً بعد الضربات التي كان قد تعرض لها "حزب الله" في بداية العدوان، على إعتبار أن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي من الممكن أن تحرك المفاوضات بشكل جدّي، على عكس ما هو الحال اليوم.
في المحصّلة، تشدد المصادر نفسها على أن هذا لا يعني أن المفاوضات الدبلوماسية ستتحرك بشكل سريع، نظراً إلى أن الرهانات على إضعاف "حزب الله"، إسرائيلياً وأميركياً بشكل أساسي، لا تزال كبيرة جداً، لكنها تلفت إلى أن إنتقال الحزب نحو تنفيذ عمليات نوعية في الداخل الإسرائيلي، سيدفع، في الفترة المقبلة، إلى التراجع عن تلك الرهانات، بعد أن تدرك تل أبيب أن الإستمرار في الحرب أكثر، لن يجلب لها إلا المزيد من الخسائر.