ما يزيد عن مليون نازح من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية قد خرجوا من منازلهم للبحث عن ملاذ آمن بعد انطلاق العدوان الإسرائيلي على لبنان في 23 أيلول الماضي، رغم ذلك استمر بعض اللبنانيين بالتواجد في مدنهم وقراهم جنوبا وبقاعا، حيث يعمد العدو اليوم إلى محاولة تهجيرهم من خلال ارتكاب المجازر بصب حممه وحقده على الاماكن السكنيّة، وهو ما يعني أن أعداد النازحين قد ترتفع.

في بيروت بحسب مصادر متابعة ما يزيد عن 300 ألف نازح، 60 ألفاً منهم يمكثون في مراكز الإيواء التي فُتحت في المدينة، والبقية في منازل وفنادق، وعدد قليل لا يزيد عن 3 آلاف يفترش الطرقات والساحات العامة.

حتى اليوم لم يدخل الشتاء لبنان بعد، لكنه من المتوقع ذلك خلال الأيام المقبلة، وهو ما سيزيد من حجم الأزمة، فبحسب المصادر، هناك مئات من النازحين داخل مراكز الإيواء ينامون في أماكن مفتوحة، أي أنه لا يوجد سقف فوقهم، وهؤلاء مع هطول الأمطار سيجدون أنفسهم في العراء ولن يجدوا مكاناً يأويهم ويحميهم من الأمطار.

تُشير المصادر الى أن القيّمين على مراكز النزوح يحاولون اليوم إيجاد بعض الحلول لهذه المعضلة قبل حصول الكارثة، لكن الأمر لن يكون سهلاً بسبب وصول المراكز الى الحد الأقصى للقدرة الإستيعابية، ففي بعض المراكز تم وضع شوادر للحماية لكنها لا يمكن أن تشكل حلاً دائماً في فصل الشتاء، وبالتأكيد لا تقي من البرد أيضاً، وهذا ما ينقله مسؤولو المراكز إلى المعنيين في الدولة دون أن يحصلوا على إجابات حاسمة، وما تعرضه عليهم اليوم هو محاولة نقل النازحين الى الشمال، وهو ما لا يقبل هؤلاء، لا سيما انهم يعتبرون بعد معاناة طويلة تمكنوا من الحصول على بعض الاستقرار، ولا يريدون تكرار معاناتهم مرة أخرى.

إلى جانب هذه المشكلة هناك أُخرى كبيرة تتعلق بمفترشي الطرقات، وفي هذا السياق تُشير المصادر عبر "النشرة" إلى أن هؤلاء يتمركزون بشكل أساسي على الخطّ البحري، وفي ساحة الشهداء ومحيطها ودرج مسجد محمد الأمين في بيروت.

وهنا تؤكد المصادر أن كل هؤلاء ليسوا من اللبنانيين، رغم ذلك حاولت الدولة من خلال بلدية بيروت والمحافظة أن توليهم الأهمية اللازمة وتعمل على نقلهم الى مناطق في شمال لبنان، لكنهم رفضوا، وهم لا يسألون سوى عن المساعدات الماليّة بحال كانت متوافرة، حتى أنهم يرفضون الإستماع إلى الحلول، علماً أن محافظة بيروت سبق وأن عمّمت أرقام هواتف لتسجيل النازحين الموجودين خارج مراكز الإيواء، وأوفدت سيارات بلدية بيروت للتجول على مفترشي الطرقات وإبلاغهم عبر مكبرات الصوت أن خيار الانتقال الى مراكز إيواء جاهزة في الشمال وعكار، لكنهم رفضوا وفضلوا محاولة بناء غرف في الأماكن العامة، ما اضطر القوى الأمنية للتدخل أكثر من مرة.

ترى المصادر أن تساقط المطر سيجعل هؤلاء أمام خيارات ضيقة وصعبة، والمحافظة ستبقى حاضرة لأن تؤمن لهم مراكز إيواء خارج العاصمة.

لا شكّ أن أزمة النزوح صعبة وكبيرة، وستصبح أكبر وأصعب مع هطول المطر قريباً، لذلك لا بد من الاستعداد علماً أن "عجقة" بيروت بالسيارات والمواطنين، قد تؤدي الى فياضانات في بعض المناطق.