منذ بداية الحرب التي تشنها اسرائيل على لبنان، وكثيرون يسألون أين إيران؟ لا بل أكثر من ذلك ذهبوا ليعتبروا أنها فعلياً تخلّت عن ذراعها الاقوى، أي "حزب الله"، خصوصاً بعد أن شنّت كل تلك الغارات على الضاحية والبقاع وبعلبك وغيرها من المناطق، ناهيك عن الضربة الأساسية التي وجهت إلى الحزب، من تفجير "البيجر" وصولاً إلى اغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله...
الواضح أيضاً أن أيران اعتمدت، باطلاقها الـ250 صاروخاً على اسرائيل، تكتيكاً مختلفاً، وهي أدركت فعلاً أنها بحاجة لأن تدافع عن نفسها مما يحيكه الاسرائيلي. وتشير استاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية ليلى نقولا إلى أن "الاسرائيلي اليوم مجبر على الرد على ايران والأميركيون يدركون ذلك، لذا وضعوا منظومة الصواريخ الدفاعية وبدأوا بتنسيق الضربة مع طهران، التي أخطأت التقدير لناحية قدرة الادارة الاميركية ومصداقيتها، فأميركا ليس لديها الرغبة في أن توقف اسرائيل، ولا حتى القدرة على ذلك".
وترى نقولا، في حديث لـ"النشرة"، أن الرهانات الخاطئة للإيرانيين على الادارة الأميركية جعلتهم يدفعون أثماناً باهظة، أهمها إغتيال السيّد نصرالله، لتعود وتشير إلى أنهم "لا يزالون يراهنون على المفاوضات لتجنب حرب كبيرة في المنطقة، ولكن من جهة أخرى وبعد أن أساؤوا التقدير ودفعوا الثمن، باتوا يعرفون قدرة الادارة الأميركية الحالية، وهم اليوم أمام خيار من اثنين: إما يقومون بشيء ما أو أنّهم سيكونون مضطرين للقتال داخل أرضهم، ولا يجب أن ننسى كلام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، حين قال إنه يريد تغيير المشهد، وهدّد المرشد الايراني السيد علي خامنئي".
"الايراني اليوم يدافع عن نفسه و"حزب الله" يقاتل اسرائيل للحفاظ على أرض لبنان". هذا ما تؤكده نقولا، مشيرة إلى أن "سقف أهداف الإسرائيلي إنخفض، إذ كان نتانياهو يتحدث في البداية عن ما بعد الأولي، وبالأمس تحدث عن 5 كلم منطقة عازلة بدون سكّان، وكلما تكبد خسائر سينخفض سقف أهدافه، ولكن المهم الآن هو ألاّ يقوم بإحتلال لأراضٍ لبنانية، وفي النهاية فلتقم إيران بالدفاع عن نظامها".
إزاء هذه المشهديّة يبقى انتظار موضوع الردّ الاسرائيلي على ايران سيّد الموقف، وبالتالي تختلف الترجيحات حول نوعية الأهداف التي ستضربها. وهنا يشرح استاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور جمال واكيم، عبر "النشرة"، أنه "في حال تمّ استهداف البرنامج النووي الإيراني فهناك تخوّف من ردة فعل ايرانيّة والذهاب باتجاه انتاج السلاح النووي، خصوصاً وأن القنبلة النووية هي قوّة ردع مطلقة وحتى الآن يحاول الايرانيون أن يستفزوا الغرب وقد أعلنوا سابقاً أن برنامجهم النووي هو سلمي"، مشيراً إلى أنه "إذا وُجّهت الضربة لبرنامجها النووي فلديها قدرات الرأسمال البشري، وبالتالي سيكون العالم أمام مشكلة إذا غيرت عقيدتها واعتمدت خيار انتاج القنبلة النووية".
كذلك من بين الأهداف الموضوعة ضرب المنشآت النفطية، وهذا قد يؤدي، بحسب واكيم، بالصين إلى اللجوء الى السوق العالمي لشراء النفط، وبالتالي سيرتفع سعر البرميل من 70 إلى 150 دولاراً، ما سيكون له مضاعفات كبيرة على الغرب، مضيفاً: "أما بحال ردت إيران مستهدفة منشآت نفطية أو بهجمات غير مباشرة أو إقفال مضيق هرمز، فسيرتفع سعر برميل النفط ليصل إلى 400 دولاراً، فهل يحتمل الاقتصاد الغربي"؟!.
أمام هذا كلّه التساؤلات كثيرة! هل تكتفي اسرائيل بتوجيه ضربة المنشآت العسكرية؟ وماذا لو عادت وردّت طهران عليها باطلاق 1000 صاروخ مثلاَ مركزين على قاعدة محددة، بدل اطلاق 250 صاروخاً موزعين، فما الذي يضمن ألاّ تصبح الحرب إقليمية؟!.