منذ ما قبل التصعيد الإسرائيلي الكبير في العدوان على لبنان، تصدر العديد من الدعوات إلى وقف إطلاق النار، أبرزها البيان الأميركي-الفرنسي، المدعوم من قبل مجموعة من الدول الأوروبية والعربيّة، الذي أعلنت بيروت رسمياً الإلتزام به، قبل أن تبادر إسرائيل إلى إغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله.
حتى الآن، لا يزال الموقف اللبناني يلتزم الدعوة إلى وقف إطلاق النار، بالتزامن مع الدعوة إلى العودة لتطبيق القرار 1701، من دون أن يعني ذلك أي شيء بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، الذي يستمر في إرتكاب المجازر بحق المدنيين، خصوصاً أنه لا يزال يحظى بالدعم الأميركي الواضح في هذا المجال.
في هذا السياق، تشدّد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ ما يحصل يعود إلى العجز الدولي المستمر عن إجبار إسرائيل على الإلتزام بالقوانين الدوليّة، لدرجة وصل بها الأمر إلى تهديد قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل"، غير مهتمّة بكل المطالبات بالإمتناع عن ذلك، نظراً إلى أنها تعتبر نفسها خارج دائرة المحاسبة.
بالنسبة إلى هذه المصادر، الولايات المتحدة هي من يتحمّل كامل المسؤولية عن ذلك، بسبب الحماية التي تؤمّنها لإسرائيل، إلى جانب المساعدات المالية والعسكرية التي تقدمها لها منذ السابع من تشرين الأول من العام الماضي، في حين هي كانت تدّعي، على مدى أشهر طويلة، الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، للذهاب إلى تسوية في قطاع غزة، تكون مقدمة نحو إعادة الإستقرار في المنطقة.
ما تقدم، يقود إلى سؤال جوهري يتعلق بالحديث المستمر، في الأوساط المحلية، عن الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي، لفرض إتفاق لوقف إطلاق النار، على إعتبار أن ذلك من الممكن أن يقود إلى وقف العمليات العسكرية.
في هذا الإطار، تلفت المصادر السياسية المتابعة إلى أن هذا من ضمن الخيارات، التي من الممكن أن يذهب إليها لبنان، لكنها تشير إلى أنه قد لا يؤدي إلى أيّ نتيجة تذكر، نظراً إلى أن العقدة تبقى في الموقف الأميركي، نظراً إلى أنّ واشنطن قد تعمد، في حال لم تكن راضية عن القرار، إلى إستخدام حق النقض "الفيتو"، ما يؤدي إلى عدم صدوره القرار.
بالإضافة إلى ذلك، توضح هذه المصادر أنه في حال لم تلجأ الولايات المتحدة إلى ذلك، أي إستخدام "الفيتو"، فإنه ليس هناك ما يؤكد أن إسرائيل ستلتزم بأي قرار، قد يصدر عن مجلس الأمن، في حال لم تكن ترى أنه يحقق مصالحها بشكل كامل، خصوصاً أنه سبق لها عدم الإلتزام بقرار صادر عن المجلس نفسه، يتعلق بالعدوان على قطاع غزّة، وبالتالي قد تكرر الأمر نفسه اليوم، لا سيما أنها لا تزال تعتبر انه بامكانها الإستمرار في عدوانها لفترة أطول.
في المحصلة، تجدّد المصادر نفسها التأكيد على أنّ الحل المتاح يتوقف على أمرين: الأول هو تعرض إسرائيل لخسائر، تجبرها على الذهاب إلى وقف إطلاق النار، أما الثاني فهو إقتناع الولايات المتّحدة بذلك، والمبادرة إلى الضغط الجدّي على تل أبيب، وتشير إلى أن الموضوع قد يتطلب الأمرين معاً، خصوصاً أن واشنطن، على ما يبدو، لا تزال تركز على منع تفاقم الصراع بين إسرائيل وإيران، بشكل يؤدّي إلى الإضرار بمصالحها، فقط دون أيّ أمر آخر.