ذكر رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير في حديث لصحيفة "الأنباء" الكويتية أن "ما يجري اليوم في لبنان من دمار وسفك دماء وتهجير، هو بكل صدق وشفافية حرب الآخرين على الأراضي اللبنانية، ولا ذنب بالتالي للشعب اللبناني كي يتحمل تبعاتها وتداعياتها ونتائجها".

وأضاف: "حتى النزاعات والمناكفات السياسية بين اللبنانيين، ما كانت لتظهر وتطفو لولا وجود محركين خارجيين لها، بهدف توظيفها في صراعاتهم الإقليمية والدولية، الأمر الذي إن أكد على شيء فهو أن الأزمات المختلفة التي تعصف بلبنان من اقتصادية ونقدية واجتماعية على اختلاف أنواعها مصطنعة وقد فرضت على اللبنانيين لغايات لا تعنيهم ولا قدرة لهم على تحمل أوزارها".

وأكد خير ان "من يطلع على حجم الدمار في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت يشعر وكأن قنبلة هيروشيما أخطأت مسارها وسقطت في لبنان، الأمر الذي تسبب في تهجير اللبنانيين المدنيين وسط تهديد الجيش الإسرائيلي باستكمال عملياته التدميرية على كامل الأراضي اللبنانية. وهذا ما ترجمه عمليا باستهداف العمق اللبناني وصولا إلى بلدة ايطو في قضاء زغرتا شمال لبنان، منتهكا قوانين الحرب والمعاهدات الدولية، ليس فقط لجهة كيفية التعامل مع الأسرى والجرحى، إنما والأهم لجهة تحييد المدنيين ودور العبادة ومراكز الاستشفاء وأماكن الآثار.. نحن أمام كيان وحشي يعتبر نفسه فوق المساءلة والمحاسبة، وأسمى من القوانين والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية".

وردا على سؤال، قال خير: "تمكنت الهيئة العليا للإغاثة من استيعاب النزوح باتجاه بيروت وجبل لبنان، والذي ترتفع أعداده مع كل ضربة وتهديد من 15 إلى 30 ألف نازح كل 6 ساعات، بحيث تم حتى الساعة توزيع 220 ألف نازح على 950 مركز إيواء، فيما تمكن ما يقارب النصف مليون نازح من اللجوء إما إلى أقارب لهم خارج مناطق النزاع العسكري، وإما إلى استئجار شقق سكنية في مناطق كان يعتقد أنها آمنة، ناهيك عمن اختار من النازحين الخروج من لبنان باتجاه سورية والعراق وعدد من الدول العربية والغربية، وقد بلغ عددهم ما يقارب 100 ألف نازح. ونعمل الآن بكل جهد وسرعة على فتح مراكز إيواء جديدة لاستيعاب من تبقى من النازحين في الساحات العامة، على أمل أن يحمل الغد بشائر وقف إطلاق النار، للبدء بإعادة إعمار ما هدمته الوحشية الإسرائيلية".

وعن المساعدات الإنسانية وكيفية توزيعها على النازحين، قال خير: "لا بد أولا أن أتوجه بالامتنان والشكر الكبيرين إلى الدول العربية الشقيقة، لاسيما الخليجية، منها، وفي طليعتها السعودية والكويت وقطر والإمارات، الذين لم يترددوا يوما في الوقوف إلى جانب لبنان الأخ العربي الأصغر لمساعدته في الخروج من أزماته ومحنه. وأتمنى لو كان لكل من تلك الدول الشقيقة وحتى الغربية التي حملت طائراتها المساعدات الإنسانية إلى مطار بيروت الدولي، مندوب للإشراف على شفافية توزيعها على النازحين داخل مراكز الإيواء وخارجها".

وأضاف: "يعتمد لبنان على مساعدات الدول العربية الشقيقة لاسيما الخليجية منها، أكثر من اعتماده على الدول الغربية، انطلاقا من أن الأخ لا يتخلى عن أخيه في الشدة والمصائب. لكن التعويل الأكبر يقع على الجاليات اللبنانية في الاغتراب، والتي عليها أن تلعب اليوم عبر تقديم المساعدات العينية والنقدية، الدور الأبرز والأساسي في دعم لبنان في هذه الظروف الصعبة، والوقوف سندا وراء اللبنانيين".