يبقى الرّجاء السّمة الأساسية في قلوب وعقول اللبنانيين أمام هذه الضّيقة التي يعيشونها. الرّجاء هو الرغبة في حدوث شيء ما. ومع ذلك، بالنسبة للمؤمنين، يتكوّن الرّجاء من اليقين بأنّنا سنرى الوعود تتحقّق من خلال عمل الله الخلاصي.
آيات كثيرة يتناولها الكتاب المقدّس عن الرّجاء، ترجمها المطران جورج خضر مقالات في صحيفة "النهار" طوال سنوات بدءًا من نيسان 1975 في كتاب حمل عنوان: "الرجاء في زمن الحرب". إنها أكثر من ادب الرجاء، إنه أدب الجرح العميق، أدب الوجود والقلق والبحث عن الخلاص. علّمنا "خضر" في مقالاته أننا نحن أبناء الله يمكننا أن نقترب من كلام السيد المسيح حاملين الرجاء في عزّ المصاعب والآلام.
انفرد المطران خضر طوال هذه السنوات بالقول إلى أن "هذه الأرض كثيراً ما كانت كارثية الحياة والمسرى، مجروحة ابداً ولو أطلّ النور عليها من بعيد. غير أن واجبنا الجهادي أن نغيّر وجه هذا العالم حتى يصبح كوناً جديداً فتستوعبه القلوب الطاهرة".
في مسيرتنا الجهاديّة الروحيّة تعترضنا ضيقات كثيرة هدفها تعطيلنا وتجّريحنا واسقاطنا، لذلك الحلّ هو الفرح بالرجاء، أي النظر إلى مجد الله الموجودين به، والذي سيُعلَن فينا.
هذه الضيقات، عزيزي القارئ، التي نعيشها اليوم في وطننا، هي مجالنا للربح وكسب المكافأة السماوية، إذا نجحنا وواظبنا على الصلاة والصّوم والعطاء واكتساب الفضائل بغية التقرّب من الله، عندها نجد صبرًا ومعونةً وقوةً كبيرة منه تسندنا.
الصّابر في هذه الأيام الصّعبة يتطهّر وينجح في امتحان الإيمان، إذ أنه لم يشكّ في الله أثناء التجربة، والناجح له رجاء أنه سيرث الحياة الأبدية، وكل من وضع رجاءه في الله لن يخيب ظنّه. أما الذي يجعلنا نحتمل الضيقات هو أن روح الله مسكوبٌ في قلوبنا، وهذا ما يؤكّد لنا على الدوام حب الله لنا، لذا لا نخشى أي شرّ.
إنّه وقت الرجاء في زمن الحرب، إنّه وقت الابتهال والاسترحام والاستغاثة والتضرّع الى الله بخشوع وتقوى، إنه وقت التوسّل الحار والمناشدة الى مجده إنّه وقت الثقة بعظائمه، وهو القادر على أن يغيثنا. لن تكون لغّة السلاح، مهما عظمت، كما يقول البعض، أعلى من لغة الله وعجائب الله وعظائمه. لذا نحن مدعوون الى عدم النظر الى مرارة الضيقات، بل إلى يد الله الحانية المتحكّمة في الضيقات، فلن يصيبنا منها إلا ما هو لخيرنا على الأرض، ولمجد الله في السماء.