اشارت صحيفة "يديعوت احرونوت" الى ان تصفية زعيم حماس يحيى السنوار رفعت مستوى ثقة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وولدت إحدى ألاعيبه الإعلامية الناجحة: "لولا إصرار نتانياهو على مواصلة الحرب رغم الضغط الداخلي والخارجي، لما دخلت إسرائيل إلى رفح وما كانت لتحقق إغلاق الدائرة مع الشيطان الذي نفذ المذبحة الرهيبة". ولفتت الى انه يُفهم من ذلك بطبيعة الحال أن موت السنوار ليس مجرد عدالة أساسية لضحاياه الكثيرين، بل بمثابة “صورة نصر” أو قريب منها.

وذكرت الصحيفة العبرية بان ما يثير الحفيظة في هذه المزاعم ليس انعدام دقة الحقائق، مثلاً انتقاد وزير الدفاع والنائبين غانتس وغادي آيزنكوت وكأنهم من عرقلوا الأعمال الهجومية بينما نتانياهو هو المعروف بصفته الحصان الأكثر اندفاعاً في تاريخ الحصن المندفعة، ولا السحر المنطقي والبياني الذي ينزع عن نتانياهو المسؤولية عن المذبحة والوعود بـ “خطوة نحو النصر” التي تتواصل منذ أشهر وتجبي ثمناً باهظاً، بل يعقد له التيجان بعد أن حزت صورة جثة السنوار المتقطعة في الوعي القومي.

واوضحت بان ما لا يطاق هو الديماغوجيا، يمكن الاعتقاد بأن تأييد وقف النار يستهدف حماية عظيم القتلة بحجم تاريخي أو انطلاقاً من انهزامية مثيرة للشفقة تنغرس بشكل ما في أناس كرسوا كل حياتهم للحفاظ على أمن إسرائيل، وكأن الفشل الذريع في 7 تشرين الاول وكل حياة المواطنين والجنود الذين سقطوا في حينه ومنذئذ لا تلاحقهم في الليالي والأيام وستواصل عمل ذلك حتى آخر نفس لديهم. أولئك المتاجرون الذين يحصون جثث زعماء الإرهاب الذين صفوا في السنة الأخيرة كما يجمع الأطفال البطاقات التي تحمل صور نجوم كرة القدم، يميلون لسبب ما بأن ينسوا الرقم الوحيد الذي يهم الآن: 101. هذا الرقم كان أعلى في حينه، قبل بضعة أشهر، عندما طالب من هم في دائرة اتخاذ القرار وطاقم المفاوضات استنفاد كل جهد للوصول إلى اتفاق يعيد أكبر عدد من الاسرى أحياء. الجدال المشروع بل والحرج حول أيهما الأكثر إلحاحاً: إغلاق الحساب الذي كان يمكنه أن يصدح في كل الشرق الأوسط (وليطيل حياة الائتلاف أكثر)، أم دليل حي على أن إسرائيل تفعل كل شيء لتنقذ المواطنين والمواطنات، وكذا الجنود والمجندات الذين تركتهم لمصيرهم؟ (خطوة كانت ستؤدي باحتمالية عالية إلى انتخابات).

ولفتت الصحيفة في تقريرها الى انه بالمناسبة، وبخلاف الرأي السائد في منطقة المركز المتطرف أيضاً، كان لوقف الحرب في تلك المرحلة فضائل أخرى: شرعية دولية، وإعداد للمعركة في الشمال، وترميم الاقتصاد، وتخفيف ما في العبء عن الاحتياط وراحة فكرة للجمهور بعد أشهر من الهموم. بل كان هو الموقف القومي والأخلاقي: يجب دفع ثمن الإخفاق لمنع اغتصاب النساء وحفظ كبار السن من الاختناق، وبشكل عام ألا يعاقب من اختطفوا من أسرتهم لأن الدولة انهارت بالموت لهذا السبب. ولعل ما يبعث على الاكتئاب في احتفال “نتنياهو صمد أمام الضغط” أكثر من أي شيء آخر هو أن مصير الاسرى بات أكثر غموضاً. فالمحتفلون والمحتفلات لم يتكبدوا حتى عناء ذكر الحقيقة البسيطة: قد يكون نتنياهو “صمد أمام الضغط” لكننا لا نعرف حتى كم اسيرا دفع بحياته كي نتمكن من رؤية الثقب الفاخر في رأس السنوار. للترويج للرواية الكاذبة عن “حرب القيامة”، كان الاسرى هواء وبقوا هواء.