يقف العالم متفرّجاً خلف كل ما يحدث في لبنان وخلف الحرب التي تشنّها اسرائيل عليه، ولكن اللافت وسط هذا الصمت الدولي المريب موقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من كل المجازر التي ترتكبها اسرائيل تحت حجّة تدمير بنى تحتية واسلحة لـ"حزب الله". نعم، لم يرفّ لزعماء الدول جفن أمام هول كلّ ما يتعرض له لبنان ولن يرفّ، فها هي غزّة يقصف الاسرائيلي فيها المدنيين بشكل مباشر ويرتكب المجازر ويقوم بإبادات جماعيّة وهو مستمرّ على مرأى وأنظار العالم الذي يتفرّج.
وأمام هذا المشهد المخزي والمؤلم يتّجه أنظار اللبنانيين وترفع صلواتهم للتوصل الى وقف لاطلاق النار ووضع حدّ لكل ما يحدث، ولكن يبدو أن ذلك لن يكون بقريب أو أقلّه ليس قبل الانتخابات الأميركيّة المرتقبة في الخامس من تشرين الثاني المقبل. إذ يشير دكتور التواصل الاستراتيجي والعلاقات الحكومية في جامعة باريس نضال شقير لـ"النشرة" الى أننا "خارج الزمن ولا وجود لحلّ الآن على الاقل قبل معرفة من سيكون الرئيس الاميركي المقبل"، معرباً عن اعتقاده أن "إسرائيل أيضاً لن تقبل بوقف إطلاق النار وما يهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو هو وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى الرئاسة في الولايات المتحدة، وهو يدرك جيدا أن أي وقف لاطلاق النار حالياً سيرفع من حظوظ المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس".
وأشار نضال شقير الى أن "نتانياهو "سيبيع" وقف اطلاق النار للادارة الاميركية الجديدة خاصةً وأنه يحاول أن يدمّر "حزب الله""، لافتا الى أن "حركة المبعوثين الدوليين لا تقدم ولا تؤخّر كثيراً، خاصة وأن هذه الحرب هي اقليمية "بالوكالة"، وتساءل "المفاوضين الدولين أمثال آموس هوكشتاين سيأتون ليفاوضوا مع من، وعلى ماذا"؟.
إزاء هذا الواقع تنظّم فرنسا مؤتمراً لمساعدة لبنان. وهنا يشرح الخبير الاقتصادي ميشال فياض أن " رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي واستعداداً للمؤتمر قدّم تقريرا عن الوضع الانساني، وشدّد خلاله على إنّه من الضروري تلبية احتياجات النازحين من الغذاء والتدفئة والكهرباء في مراكز الإيواء وإمدادات المياه، وضمان النظافة الجيّدة في المدارس التي تستضيف النازحين، والتأكد من أن أولئك الذين لا يزالون ينامون في الخارج لديهم "خيارات السكن"، لافتا الى أن "ميقاتي لحظ في تقريره احتياجات الجيش اللبناني".
"أما من الناحية السياسية فإن موقف فرنسا واضح ويشدد على وقف اطلاق النار". هذا ما يؤكده ميشال فياض، مشيرا الى أن "ذلك يجب أن يترافق مع التوصل إلى حلّ دبلوماسي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 1701 والسماح بالعودة الآمنة للنازحين في إسرائيل ولبنان إلى ديارهم، كذلك فإنّ المؤتمر يهدف الى تعبئة المجتمع الدولي للاستجابة لاحتياجات الحماية والإغاثة الطارئة للشعب اللبناني وتحديد سبل دعم المؤسسات اللبنانية، ولا سيما الجيش".
يعود نضال شقير ليتحدث عن الضربة الاسرائيلية المرتقبة على ايران، مشيرا الى أن "الرد يمكن أن يحصل في وقت التصعيد قبل الانتخابات الاميركيّة، لكن بنفس الوقت أعرب شقير عن اعتقاده أنّ "الطرفين اتفقا على شنّ حرب "بالوكالة"، خاصة بعد النجاح الّذي حققه "حزب الله" على الارض في الجنوب وهذا يصعّب عمليّة التصعيد".
في المحصّلة بنيامين نتانياهو قام بما يريد وهو ينتظر اليوم المخرج، وبحسب ما يبدو لن يكون هناك وقف لاطلاق النار قبل موعد الانتخابات الاميركية، والظاهر أن المؤتمر الذي تنظمه فرنسا لا يُتَوقَّع منه الكثير نظرا لأن كل المساعدات ستكون مرتبطة بالحلول ما بعد التسوية...