بعد ساعات قليلة على الإعلان الرسمي عن إغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، طغت على الساحة المحلية مجموعة كبيرة من الأسئلة حول المرحلة التي تلي إنتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان، سواء كان ذلك على المستوى العسكري أو السياسي، حيث كان العنوان الأبرز السعي إلى الإتفاق على مرحلة جديدة تبدأ من إنجاز الإستحقاق الرئاسي، عبر الذهاب إلى إنتخاب رئيس توافقي يقود البلاد في هذه المرحلة.
خلال أيام قليلة، تم التراجع نسبياً عن الرهانات الكبرى التي وضعت، خصوصاً بعد أن أثبت "حزب الله" قدرته على التعافي السريع عسكرياً، ما تُرجم صموداً في عمليات التصدي لمحاولة التقدم البري من قبل الجيش الإسرائيلي، على قاعدة أن الميدان هو من سيقرر، في نهاية المطاف، شكل المرحلة المقبلة، إلا أن ذلك لا يلغي وجود مجموعة كبيرة من المؤشرات، حول الأسئلة التي ستطرح بشكل واسع حينها.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن العنوان الأبرز، خلال وبعد العدوان، سيبقى ترتيب الوضع من الناحية السياسية، الأمر الذي لا يقتصر على هوية الرئيس المنتظر، بل أيضاً على هوية رئيس الحكومة وتركيبتها ودورها، حيث سيكون لها مجموعة من المهمات الصعبة، لكنها تلفت إلى أن كل هذا النقاش سيبقى مؤجلاً إلى ما بعد إنتهاء العدوان، بالرغم من الضغوط التي تبذل على هذا الصعيد، على الأقل من أجل المبادرة إلى إنتخاب الرئيس بأسرع وقت، وتضيف: "من الناحية العملية، توازنات الميدان العسكري ستكون عاملاً حاسماً".
بالتوازي، ترى المصادر نفسها أنه لا يمكن تجاهل مسألة ترتيب الوضع جنوباً من الناحية الأمنية، والحديث، الداخلي والخارجي، عن عدم إمكانية العودة إلى ما قبل السابع من تشرين الأول من العام 2023، الأمر الذي يرتبط مباشرة بشكل التسوية التي ستحصل، خصوصاً أن العديد من القوى السياسية بدأت تطرح، منذ الآن، معادلة أنّ الحزب لا يستطيع أن يستمر في الحفاظ على الهامش الكبير في الحركة، بعد تداعيات ما حصل نتيجة قرار الدخول في حرب إسناد غزة.
هنا، تعتبر هذه المصادر أنه من الضروري البحث في وضعية "حزب الله" السياسية، لا سيما بعد إغتيال السيد نصرالله، بغض النظر عن المسار النهائي الذي ستكون عليه نتيجة العدوان، نظراً إلى أن هناك مسؤوليات كبرى ستلقى على عاتق خليفته، فالحزب بالإضافة إلى دوره العسكري لديه آخر سياسي لا يقل أهمية، وهو ما سيكون موضع متابعة بشكل أكبر في المرحلة المقبلة، سواء كان على مستوى العلاقة مع باقي الأفرقاء أو على مستوى العلاقة مع بيئة الحزب.
بالنسبة إلى المصادر السياسية المطلعة، لا يمكن البحث في المرحلة التي تلي العدوان الإسرائيلي على لبنان، من دون التطرق إلى الملف الإقتصادي، خصوصاً بعد أن كانت قد برزت، في الأشهر القليلة التي سبقت، مؤشرات على إستعادة القطاع عافيته، الأمر الذي تراجع بشكل كبير بعد نحو شهر من الحرب، ومن المتوقع أن تزداد الخسائر مع كل يوم إضافي من استمرارها، لكن الأساس يبقى ملف إعادة الإعمار، في ظل الدمار الذي خلفته الإعتداءات الإسرائيلية، لا سيما في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، ما قد تعمد العديد من الجهات الخارجية إلى المساومة عليه سياسياً، قبل تقديم أيّ مساعدة.
هنا، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ العلاقة مع الخارج ستكون من أبرز الملفات التي ستفتح، مع العلم أن هذا الأمر كان قائماً قبل العدوان، تحت عنوان الطلب من الرئيس المقبل إستعادة علاقات لبنان مع الخارج، لكن في ظل العدوان برزت موجة جديدة من الإنتقادات التي وجهت إلى الجانب الإيراني، خصوصاً تلك التي صدرت عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ما أوحى بأنّ مرحلة جديدة من العلاقة مع طهران من المفترض أن ترسم أيضاً، خصوصاً في ظلّ الإتهامات التي توجه لها بالمسؤولية عن "توريط" البلاد في هذه الحرب.
في المحصّلة، تشدّد هذه المصادر على أنّ غالبية هذه الأسئلة لا يمكن الإجابة عنها قبل إنتهاء العمليات العسكرية، لكنها تلفت إلى أنها تحمل في طياتها مؤشرات على حجم التحديات التي ستكون حاضرة بقوة على كافة المستويات، الأمر الذي يتطلب مستوى عالٍ من المسؤولية في التعاطي معها، كونها قادرة على إدخال البلاد من أزمة إلى أخرى أكبر منها، مع العلم أن فتحها اليوم قد يفاقم من التوترات التي يسعى إليها الإسرائيلي.