توجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بالشّكر الكبير للرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على "ما يقوم به من جهد مستمر من أجل لبنان. في الأسابيع الماضية، كنّا على اتصال مرّات عدّة، وكان همّه الأوّل كيف يمكن وقف إطلاق النّار ومساعدة لبنان بالموضوع الإنساني".
وأوضح، في حديث مع قناة "فرانس 24"، على هامش مشاركته في "المؤتمر الدّولي لدعم لبنان" في باريس، أنّ "الحكومات والدّول هي الّتي تدعم، بغضّ النّظر عن الشّخصيّة الموجودة في المؤتمر. نحن سنقدّم لائحة بما يلزم لبنان لفترة 6 أشهر مقبلة، وستوزَّع على الجميع للاطلاع عليها، وهذه البداية. انعقاد المؤتمر إيجابي، بغضّ النّظر عن مستوى الحضور، رغم أنّني كنت أتمنّى أن يكون على أعلى المستويات، مع احترامي للجميع".
وأكّد ميقاتي أنّ "موقفنا في لبنان ثابت، سواء من جهة رئيس مجلس النّواب نبيه بري أو من جهتي، وهو ضرورة وقف إطلاق النّار، والتّنسيق بين السّلطتَين التّشريعيّة والتّنفيذيّة مستمر"، مشيرًا إلى "أنّنا استقبلنا الموفد الرّئاسي الأميركي آموس هوكشتاين يوم الإثنين الماضي، والعروض لا تزال موضوع حوار، ولم نحصل على أيّ شيء نهائي".
وشدّد على أنّ "بعد تجربتنا بموضوع النّداء الدّولي في نيويورك في أيلول الماضي، حيث أبدينا موافقتنا الكاملة، ومن ثمّ تبلّغنا الموافقة الإسرائيليّة، ليعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ويغيّر رأيه في اليوم التّالي ويرفض الموضوع، لذا لا يمكن للبنان الالتزام بشيء قبل قيام الجانب الإسرائيلي بالالتزام بوقف إطلاق النّار، وعندها يمكن أن نناقش".
كما أعلن أنّ "لبنان على استعداد لتنفيذ القرار 1701 الصّادر عن مجلس الأمن الدّولي تنفيذًا كاملًا، وإدخال الجيش اللبناني إلى الجنوب لكي يقوم بدوره، وألا تكون هناك سلطة ولا سلاحًا إلاّ بيد الجيش الشّرعي اللّبناني"، مبيّنًا أنّه "لا يوجد قرار أممي صدر عن مجلس الأمن غير القرار 1701، من الصّعب التّوافق على قرار جديد، بظلّ "فيتو" من هنا و"فيتو" من هناك. الـ1701 سيُعتمد كاملًا".
وركّز ميقاتي على أنّ "بعد 18 سنة على صدور هذا القرار، توجد بعض الأمور الّتي يجب أن توضع آليّة معيّنة لكيفيّة تنفيذها لتكون واضحة، لأنّ البعض ربّما اعتقد أنّه لم يتمّ تنفيذها بسبب الضّبابيّة في بعض المواد، لكن يجب تفسيرها لتكون الأمور أوضح. وهذا قد يكون بإطار تفاهم قد يوضع تحت رعاية دوليّة، يكون متمّمًا للقرار 1701، لكن لا قرار جديدًا".
وأضاف: "القرار 1559 موجود في القرار 1701، واليوم يهمّنا تنفيذ هذا الأخير لإعادة الاستقرار إلى الجنوب. الـ1559 صدر عام 2005، وعام 1989 صدرت وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، حيث اتفقنا على دستور جديد، وهي تنصّ على بسط سيادة الدّولة على كامل الأراضي اللّبنانيّة"، مؤكّدًا أنّ "وثيقة الوفاق الوطني كانت سبّاقة، وعلينا فور انتخاب رئيس للجمهوريّة أن يتبنّى الوثيقة ويقوم بتنفيذها، من أجل بسط سيادة الدّولة على كامل الأراضي اللّبنانيّة".
وذكر أنّه "لا يوجد ربط بين رئاسة الجمهوريّة ووقف إطلاق النّار، لكن ربّما اليوم هناك بعض المحاذير بالنّسبة لعدد من النّواب. وعندما يتّفق اللّبنانيّون، حتمًا سيُنتحب رئيس، وهذا موضوع لبناني داخلي، ويوجد عليه بعض النّزاعات، لكن في النّهاية أعتقد ألّا لبنانيًّا لا تهمّه مصلحة لبنان الّتي تقتضي انتخاب رئيس"، معتبرًا أنّ "كلّ فريق عليه التّنازل بعض الشّيء، لكي نصل إلى كلمة سواء ويُنتخب رئيس".
وعن إمكانيّة الوصول إلى موقف لبناني يطلب من "حزب الله" التخلّي عن سلاحه في الوقت القريب، شدّد ميقاتي على أنّ "هذا الموضوع موجود في وثيقة الوفاق الوطني، وكلّ الأفرقاء اللّبنانيّين أكّدوا تمسّكهم بالطّائف وصيغة الوفاق الوطني والدّستور، وهذا أمر دستوري بحت". ورأى أنّ "قرار الأمم المتّحدة 1701 هو ركيزة الاستقرار في المنطقة".
وجزم أنّ "المهم أوّلًا اليوم وقف إطلاق النّار، ثمّ تطبيق القرار 1701 والتّفاهم على تنفيذه، وذلك لا يكون إلّا بسلطة الدّولة والجيش كاملةً على الجنوب اللّبناني. الجيش لديه قدرة معيّنة اليوم، ونبحث بكفيّة الاستعانة ببعض الأطراف لتنفيذ ذلك خلال فترة سريعة، ثمّ يُعطى الجيش كامل الصلاحيّة في الجنوب".
أمّا في ما يتعلق بالتّباينات الّتي ظهرت بين الجانب الرّسمي اللّبناني والإيراني، على خلفيّة ما نُسب لرئيس مجلس الشّورى الإيراني محمد باقر قاليباف حول مفاوضات إيرانيّة فرنسيّة حول تطبيق القرار 1701، أوضح أنّ "قاليباق قال إنّنا نفاوض مع الفرنسيّين على تطبيق الـ1701"، مؤكّدًا أنّ "المفاوِض هو فقط الحكومة اللّبنانية، وهذا قرار سيادي لبناني ولا نرضى بأن يفاوض أحد عنها. بعدها، صدر توضيح، يعني أنّه وصلت الرّسالة بأنّ لا أحد يجب أن يتدخّل بالسّيادة اللّبنانيّة".
وتابع: "لا نسمح لإيران ولا لغيرها بالتّفاوض نيابةً عن الحكومة اللّبنانيّة. يمكن أن تساعد الدّول على تطبيق الـ1701، ولكن لا يمكنها التّفاوض نيابةً عن الحكومة"، مفيدًا بأنّ "هذا الموقف ناتج عن حسّي الوطني السّيادي كرئيس لحكومة لبنان، وهو موقف شخصي انطلاقًا من منصبي".
من جهة ثانية، وبموضوع النّازحين من القرى المدمّرة، أشار إلى أنّ "أغلبيّة القرى الّتي دُمّرت اليوم هي قرى على الحدود الجنوبيّة، وعند وقف إطلاق النّار تبدأ مرحلة حديدة هي مرحلة إعادتهم، ولا أعتقد أنّهم يمكن أن يتأخّروا ثانية بالعودة عندما يكون هناك أمان"، كاشفًا "أنّنا كحكومة سنقوم بالمساعدات اللّازمة وبالاتصالات الدّوليّة اللّازمة من أجل القيام بإعادتهم وإعادة إعمار قراهم. في الوقت الحالي، ليس لدينا التزام من أحد، لكنّني متأكّد من أنّه إذا طلبت الحكومة من أيّ دولة صديقة، فلن يتقاعس أحد بإبداء التّعاون".
وعن الخشية من وقوع حرب أهليّة في لبنان، لفت إل "أنّني شخصيًّا أعتقد أنّ اللّبنانيّون أصبحوا بمرحلة وعي أنّ هذه الحرب لن تفيد بشيء، وأنّنا كلنّا سنعود إلى طاولة واحدة، وعلينا أن نتعايش معًا. هذه هي التعدديّة والتنوّع في لبنان، ولا يعتقدن أحد أن بإمكان أي لبناني أن ينتصر على لبناني آخر"، معتبرًا أنّ "قوّتنا اليوم في وحدتنا".
وأعلن أن بعد محطّته الفرنسيّة، "سيقوم بجولة إلى الدّول الأوروبيّة المشاركة ضمن قوّات "اليونيفيل"، لشكرها على وقوفها بوجه التّهديدات الإسرائيليّة في جنوب لبنان".