أشارت وكالة "شينخوا" إلى أن العديد من الشباب الصينيين يستغلون مواهبهم ومهاراتهم لتوسيع آفاقهم المهنية، ومن خلال اللجوء إلى الأعمال الجانبية، يحولون شغفهم إلى مصادر دخل للسعي وراء حياة أكثر إرضاء.
وأوضحت أنه بالنسبة لأولئك الذين يجدون أن الوظائف العادية بدوام كامل لم تعد تلبي أهدافهم المالية أو تتماشى مع تطلعاتهم الشخصية، فإنهم يخلقون فرصا إضافية من خلال دمج شغفهم مع أغراضهم، مما يثبت أن الوظائف الجانبية من شأنها إثراء التجارب وتعزيز تحقيق الذات.
ووفقا لتقرير صادر عن منصة الوسائط 36Kr التي استطلعت آراء 1941 موظفا شابا، فإن 44.7 في المئة من المشاركين في الاستطلاع لديهم خبرة في الأعمال الجانبية وأكثر من 50 في المئة منهم أعربوا عن اهتمامهم بالأعمال الجانبية، حتى ولو لم يبدأوا فيها بعد. والجدير بالذكر أن ما يقرب من 40 في المئة من الأعمال الجانبية للمشاركين في الاستطلاع مرتبطة بوظائفهم الأساسية.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن أكثر من 80 في المئة من الشباب يفضلون فرص الأعمال الجانبية عبر الإنترنت، حيث تتصدر وسائل الإعلام الذاتية، باعتبارها فئة العمل الأكثر شعبية، والتجارة الإلكترونية، والبيع المتجول وتجارة التجزئة على نطاق صغير، والكتابة الحرة، وتحرير مقاطع الفيديو والتعليق الصوتي، المراكز الخمسة الأولى.
وفي جينغدهتشن، المعروفة باسم "عاصمة الخزف" في الصين، والتي تقع في مقاطعة جيانغشي بشرقي البلاد، تدير تشيو شينغ تشو البالغة من العمر 35 عاما عملا جانبيا مع زوجها كبائعين متجولين خارج ساعات عملهما العادية، وتعمل بشكل أساسي في عطلات نهاية الأسبوع في شارع تاوشيتشوان الشهير لفن الخزف.
وقالت: "أصبحت منتجاتنا الخزفية تحظى بشعبية متزايدة بين السياح والعملاء الآخرين، حيث يأتي العديد منهم إلى جينغدهتشن خصيصا لشراء منتجاتنا. ونتيجة لذلك، غالبا ما نجد أنفسنا نبيع حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحا".
وتعمل تشيو، وهي خريجة جامعة جينغدهتشن للخزف المرموقة، في مجال التصميم خلال أيام العمل.
وأشارت تشيو إلى أن العمل في مجال البيع المتجول يتميز بتكاليف منخفضة نسبيا حيث لا يتطلب دفع رسوم إيجار للمتجر، مضيفة أن السوق تجذب عددا كبيرا من طلاب الفنون وعشاق الخزف وحرفي الخزف المهرة، مما يخلق بيئة نابضة بالحياة لتبادل الأفكار والخبرة.
وحظيت سوق تاوشيتشوان باهتمام واسع عبر منصة "شياوهونغشو" للتواصل الاجتماعي، حيث تعرض عشرات الآلاف من المنشورات خزف جينغدهتشن. وبالتالي، اجتذبت هذه الشعبية اهتماما مستمرا بالقطع الإبداعية والأنيقة التي يصنعها الحرفيون مثل تشيو.
وتكيف العديد من العاملين في مجال البيع المتجول مع المشهد الرقمي من خلال الترويج لأعمالهم وبيعها من خلال البث المباشر ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى توسيع نطاق وصولهم.
ويعزو وانغ شيان بين، أستاذ الاقتصاد بجامعة جينان في قوانغتشو بجنوبي الصين، صعود الأعمال الجانبية إلى حد كبير إلى النمو السريع للاقتصاد الرقمي والتقنيات الناشئة والأعمال التجارية القائمة على المنصات.
وذكر وانغ أن أنماط التوظيف أصبحت أكثر مرونة وتنوعا، مما يوفر للشباب ثروة وافرة من فرص العمل المرنة المحتملة، ولكن هذا يعني في نفس الوقت أنهم قد يواجهون منافسة وظيفية شرسة وعدم استقرار في التطوير الوظيفي.
وقال تان يو تشاو، أستاذ الإدارة بجامعة جينان، إن الحكومة والمنصات عبر الإنترنت يجب أن تدعم بنشاط الاتجاه المتسارع للأعمال الجانبية، مشيرا إلى أن المنصات الإلكترونية قادرة على الابتكار لتوفير المزيد من الفرص عالية الجودة للشباب، وأن الحكومة يجب أن توفر الدعم والسياسات المناسبة.
وأكد خبراء أن الأعمال الجانبية موجودة لتبقى. وقال وانغ إنه "مع استمرار تطور المنصات الرقمية، سنرى المزيد من الشباب يستفيدون من التكنولوجيا لإنشاء وظائف مرنة بدوام جزئي تتوافق مع اهتماماتهم ومهاراتهم، وهذا يمكّن العاملين لحسابهم الخاص ويساهم في الاقتصاد الأوسع".
واستشرافا للمستقبل، تهدف تشيو إلى مواصلة عملها في مجال الخزف وتحويل إبداعها من عمل جانبي إلى مشروع بدوام كامل.