عملياً لم تحجب الحرب التي وقعت على لبنان من تكرار المشهد الذي نراه كلّ عام في هذه الفترة نتيجة إندلاع الحرائق، التي تتسبّب بابتلاع مساحات حرجية واسعة، وفي بعض الأحيان تكون مفتعلة، بينما في أوقات أخرى تكون ناجمة عن عوامل طبيعية، وفي الحالتين الاضرار تكون كبيرة جداً...
حتى في زمن الحرب بقيت هذه الظاهرة التي تتكرّر سنوياً هي الطاغية، وهذه المرّة في أحراج منطقة الربوة لجهة نابيه المتنيّة، هناك أكلت النيران الأخضر واليابس حتى وصلت الى المنازل ولم تنجح خراطيم الدفاع المدني في إخمادها ما اضطرّ الجيش الى التدخل لإطفاء النيران بطوافاته. واشتداد النيران بالشكل الذي كانت عليه دفع البعض الى الاعتقاد أنه يجب الإستعانة بدول مجاورة للمسعادة على الاطفاء. وأمام هذا كلّه تطرح علامات إستفهام كثيرة: فهل هذا الحريق مفتعل أم هو ناجم عن عوامل طبيعية؟.
في هذا الاطار تشير مصادر مطّلعة عبر "النشرة" الى أنّ "عملية تحليق الجيش اللبناني "بالهليكوبتر" ليست سهلة في ظلّ إختراق إسرائيل للمجال الجوي اللبناني والحرّب التي تشنّها، كذلك فإنّ الدفاع المدني الذي يفترض أن يتصدّى للحرائق هو أولاً تعرض للإستهداف والبعض من المتطوعين إما تهجّروا أو قُصفت منازلهم"، لافتة الى "وجود ضعف بالمؤسسات للتصدّي للحرائق إضافة الى الانهيار العام في البلد".
تشرح المصادر أن البعض قد يلجأ الى إفتعال الحرائق والسبب يعود الى تغيير عوامل الاستثمار، ولكن تلفت الى أن "هناك قانوناً صدر عام 2008 عقب الحرائق التي حصلت بمنع تغيير عوامل استثمار الارض. وبالتالي إذا كانت الحرائق مفتعلة وإذا كانت عوامل الاستثمار منخفضة لا يمكن فعل أيّ شيء في الأرض المعرّضة خلال فترة عشر سنوات". واضافت المصادر: "يُمكن أن يكون الحريق غير مفتعل وبالتالي فإنّ هذا يحصل إذا كبرت المساحة الحرجيّة وأصبح هناك سماكة كبيرة من اليَباسْ وهذا قد يتسبّب في الاشتعال السهل للحريق".
هنا يشرح أستاذ العلوم البيئية في جامعة البلمند جورج متري عبر "النشرة" أن "المنطقة التي حصلت فيها الحرائق في الربوة مساحتها كبيرة جدا"، لافتا الى أنه "عاد وتجدد في أمكنة كان نشب فيها سابقاً"، شارحاً أن "خطر نشوب الحرائق في هذه المنطقة هو من متوسط الى مرتفع، وبالتالي قد يكون الهواء الذي هبّ هو الذي دفع به أن يمتد وتتوسع رقعته في اليوم التالي".
الحقيقة لا أحد يمكن أن يتكهّن بما حصل في الربوة، ولماذا نشب الحريق هناك، أو ما يحصل في أماكن أخرى ولكن الأكيد أن هذا المشهد سيتكرّر من منطقة الى أخرى ومن عام الى آخر، ولكن بالقانون إذا كان مفتعلاً فإنه يمنع تغيير الاستثمار في هذه المنطقة للبناء أو غيرها...