في موازة التطورات الميدانية المشتعلة واستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، أشار مصدر سياسي لبناني مطلع لصحيفة "الديار"، إلى أنّ "المعلومات المتوافرة لدينا تفيد بان الموفد الاميركي آموس هوكشتاين سيتوجه الى تل ابيب في الساعات الثماني والاربعين المقبلة، لاجراء محادثات مع المسؤولين الاسرائيليين حول نتائج الجهود الجارية لوقف النار مع لبنان وتنفيذ القرار 1701، والمباحثات التي اجراها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال زيارته مؤخرا للبنان؛ وكذلك المشاورات التي اجراها في باريس في هذا الخصوص"، لافتًا إلى "أنّنا لا نستطيع ان نتحدث عن نتائج واجواء هذا التحرك، بانتظار ما ستسفر عنه زيارة هوكشتاين لتل ابيب".
وعن توقعاته بشأن الجهود الدبلوماسية الناشطة، رأى أنّ "الامور والتطورات مع خطورتها، فهناك امكانية قائمة للحلحلة وتحقيق وقف النار". وعما إذا بالإمكان تحقيق ذلك قبل الانتخابات الاميركية، أوضح أنّ "هذه الامكانية موجودة قبل الانتخابات الاميركية، لكن الامر مرهون بالموقف الاسرائيلي وبرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو".
ولم يستبعد المصدر "مجيء هوكشتاين الى بيروت مجددا الاسبوع المقبل"، مبيّنًا أن "هذا الامر مرتبط بطبيعة نتائج زيارته لتل ابيب". وأشار إلى أن "في كل الاحوال، من المفترض ان يطلع المسؤولين اللبنانيين على هذه النتائج".
ماذا عرض بلينكن لميقاتي؟
في الاطار نفسه، كشفت مصادر مطلعة لـ"الديار"، عن أن "لقاء ميقاتي مع وزير الخارجية الاميركية أنتوني بلينكن في لندن منذ يومين، لم يكن مبرمجا مسبقا، وان اللقاء حدد خلال مؤتمر باريس وبعد جولة بلينكن في المنطقة"، ورأت أنّ "مجرد حصوله في هذا التوقيت، يؤشر الى ان هناك جهودا دبلوماسية مركزة وناشطة، تبذل في اطار العمل لوقف النار وتطبيق القرار 1701 بشكل كامل".
وذكرت أنّ "هناك تركيزا اميركيا على دور الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في المرحلة المقبلة، لضمان تطبيق كامل وفعال للقرار المذكور، كما عبر وزير الخارجية الاميركي"، لافتةً إلى أن "بلينكن الذي عبر عن تقديره لموقف لبنان واستعداده لتنفيذ القرار 1701 كاملا، اقترح على ميقاتي المباشرة بنشر قوة من الجيش في الجنوب، كبادرة لتعزيز صدقية الموقف اللبناني، وتوجيه اشارة ايجابية لتحقيق وقف النار".
واوضح ميقاتي له ان "هناك استحالة لتحرك الجيش قبل وقف النار"، مشيرا الى "الاعتداءات التي تعرض لها مؤخرا في الجنوب من قبل القوات الاسرائيلية، وادت الى استشهاد وجرح عدد من العسكريين". وتطرق الى "ما حدث بعد الاتفاق الاخير على وقف النار، بتوقيع 21 دولة الذي حصل على هامش اجتماعات الامم المتحدة، والذي وافق عليه لبنان وتبلغ ان الاسرائيلي وافق ايضا عليه، لكن نتانياهو انقلب على الاتفاق المذكور وصعّد عدوانه على لبنان".
وأفادت المصادر، بان "ميقاتي أضاف أنّ الامر متوقف على النوايا الحقيقية لنتانياهو، وان المطلوب انتزاع التزام جدي منه لوقف النار من اجل تنفيذ القرار 1701، وان لبنان مستعد لهذا الامر وملتزم به".
اللبنانيون مرتاحون لصرخة ماكرون بوقف حرب الآخرين على أرضهم
من جهة ثانية، اعتبرت صحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "الرد الإسرائيلي على إيران بدّد المخاوف، ولو موقّتاً، من توسع الحرب في جنوب لبنان نحو الإقليم، لكونه جاء محدوداً وبقي تحت السيطرة، ما طرح أسئلة حول دور الولايات المتحدة الأميركية في ضبط إيقاعه بعدم تجاوز الخطوط الحمر المعمول بها حسب قواعد الاشتباك التي ظلت صامدة، بخلاف تلك التي أدت إلى تفلُّت الوضع جنوباً، وعزّز الاعتقاد السائد لدى الغالبية اللبنانية بأن الصرخة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه لدى افتتاحه مؤتمر دعم لبنان، بوقف حرب الآخرين على أرضه، كانت في محلها وقوبلت بارتياح لبناني؛ خصوصاً وأنه غمز من قناة إسرائيل وإيران وحزب الله".
وأشار مرجع سياسي لـ"الشرق الأوسط"، إلى أنّ "الرد الإسرائيلي المحدود بمفاعيله، جاء بمثابة نسخة عن الرد الإيراني على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، واغتيالها لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، ولن تترتب عليه مضاعفات تستدعي من طهران الرد، طالما أنه لم يشمل المنشآت النفطية والنووية، ولم يخرج عن تهديد المرشد الإيراني علي خامنئي بالرد في حال لم يكن محدوداً، إلا إذا ارتأت طهران بأن يأتي الرد من لبنان؛ الذي تحوّل ساحة لتصفية الحسابات وتسجيل المواقف التي تعطّل تطبيق القرار 1701".
وتساءل: "أين تقف واشنطن من الرد الإسرائيلي؟ وما مدى صحة ما يتردد بأنها تشرف على ضبطها للردود ورعايتها، فيما تترك طهران "حزب الله" وحيداً في إسناده لغزة، وإصرارها على ربطها بالجنوب؟"، مؤكّدًا أنّ "إيران تراهن على أن يأتي السباق الرئاسي الأميركي لمصلحة انتخاب نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، لتأمين استمرارية تفاوضها مع واشنطن، الذي لم ينقطع رغم تصاعد وتيرة الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل، التي تمضي في تدميرها للجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وبلدات بقاعية، رغم أن غاراتها اليومية لم تمكنها من اغتيال قيادات وكوادر ميدانية أسوة بغاراتها السابقة، ومن ثمّ تأتي لتوسيع دائرة التدمير والتهجير للضغط على الحزب والحكومة للتسليم بشروطها لتطبيق الـ1701؛ لكن على طريقتها".
وركّز المرجع السّياسي على أنّ "رهان إيران على تعويم تفاوضها مع واشنطن، يأتي للتعويض عن تراجع نفوذها في الإقليم، في ضوء التوتر الذي يسود علاقاتها بدول الاتحاد الأوروبي، على خلفية تهديدها لأمنها بوقوفها إلى جانب روسيا في حربها ضد أوكرانيا"، مشدّدًا على أنّ "وحدة الساحات، التي يتشكل منها محور الممانعة بقيادتها، لم تعد قائمة، وتقتصر فقط على "حزب الله"، ما يدعوها إلى الإمساك بالورقة اللبنانية للإبقاء على نفوذها في المنطقة".
وأوضح أن "الرد الإسرائيلي المحدود، يدعونا للتساؤل عمّا إذا كانت تل أبيب أودعت مسبقاً الإدارة الأميركية نسخة عن الأمكنة التي حددتها للرد على إيران، وذلك أسوة بما قامت به الأخيرة استباقاً لردها على إسرائيل ثأراً منها لاستهدافها قنصليتها في دمشق واغتيالها هنية؟"، متوقّفًا أمام "الإرباك الذي تتخبط فيه إيران، في معرض تناولها لمفاوضاتها مع واشنطن".
كما دعا "حزب الله"، إلى أن "يتجهز للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور انتهاء الحرب في الجنوب، لن تكون امتداداً للحالية، إفساحاً في المجال أمام استرداده لدوره بالانخراط في مشروع إعادة بناء الدولة، وهذا يستدعي منه أن يعيد النظر في خياراته السياسية تحت سقف حصرية السلاح بيد السلطة الشرعية، بعد أن أقحم لبنان في مواجهة لا حدود لها مع إسرائيل تحت عنوان إسناده لغزة، من دون العودة إلى الحكومة التي وحدها تمسك بقرار السلم والحرب؛ مع أن خياره في هذا الخصوص لم يكن صائباً ولم يؤدّ إلى إشغالها للتخفيف عن حماس".
وأضاف المرجع: "الرهان على إلغاء الحزب أو إضعافه في المعادلة السياسية مع تطبيق القرار 1701، ليس في محله، لكن في المقابل لن يكون في مقدوره التمسك بخياراته كممر إلزامي لمد اليد لشركائه في الوطن، الذين يتوجب عليهم بأن يعاملوه بالمثل، لكونه واحداً من المكونات الفاعلة في البلد، وهو من أدار ظهره لهم".