احتضنت العاصمة الفرنسية باريس يوم الخميس مؤتمراً دولياً استثنائياً لدعم لبنان في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية واشتداد الصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل. بمشاركة واسعة شملت نحو 70 دولة و15 منظمة دولية، جمع المؤتمر أكثر من مليار دولار من التعهدات من المجتمع الدولي لدعم لبنان. وقُدرت المساعدات بنحو 800 مليون دولار للمجالات الإنسانية، بينما خُصص نحو 200 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني، بحسب ما أعلنته وزارة الخارجية الفرنسية.

تعهدات تتصدر المؤتمر

أبدت العديد من الدول التزامها بتقديم الدعم، حيث تعهدت فرنسا بمبلغ 100 مليون يورو لتقوية الجيش اللبناني وتجهيزه، فيما خصصت ألمانيا 96 مليون يورو لتعزيز الاستقرار الإنساني في البلاد. يأتي هذا الدعم في وقت يواجه فيه لبنان تحديات اقتصادية وأمنية غير مسبوقة، وقد أسهم المؤتمر في توجيه رسائل واضحة عن التزام المجتمع الدولي بمساندة لبنان والوقوف إلى جانبه.

تضامن دولي

في تصريح خاص أدلى به وزير الزراعة اللبناني الدكتور عباس الحاج حسن لـ"النشرة"، أكد أن مؤتمر باريس يمثل رسالة دعم قوية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمجتمع الدولي، تُظهر أن لبنان ليس وحده في مواجهة التحديات. واعتبر الحاج حسن أن المؤتمر يشكل موقفاً جماعياً يدعو لوقف إطلاق النار، مع تأكيد المطالب اللبنانية بضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية فوراً والالتزام بالقرارات الدولية، وخاصة القرار 1701، مشيراً إلى أن الدعم الدولي يعزز الثقة بإمكانية تحسين الوضع الراهن للبنان.

دعم إنساني استثنائي

أوضح الوزير الحاج حسن أن معظم الدول المشاركة قدمت مساعدات أو تعهدت بتقديم مساعدات، الأمر الذي يُعَدّ مؤشراً إيجابياً للمستقبل، خصوصاً مع انتهاء الاعتداءات المتكررة على لبنان. وعن مستوى تمثيل الدول في المؤتمر، قال إن كل دولة اختارت كيفية تمثيل نفسها وفقاً لرؤيتها للدعم الدولي المطلوب في هذه الظروف، وأشار إلى أن الحضور الواسع من قبل 70 دولة و15 منظمة دولية يمثل خطوة تأسيسية نحو تعاون دولي مشترك لدعم لبنان.

آفاق جديدة ومؤتمرات مستقبلية

في سياق مستقبل الدعم الدولي، أشار الحاج حسن إلى أن مؤتمر باريس يُعَدّ خطوة أولى في سلسلة من المؤتمرات الإقليمية والدولية التي يمكن أن تعزز مساعدة لبنان. وعبّر عن تفاؤله بأن المؤتمر سيشكل أساساً لاستمرار التعاون وتنسيق الجهود لمساندة الشعب اللبناني.

آلية مراقبة فعالة

أكد الوزير الحاج حسن أن المجتمع الدولي، بالتعاون مع فرنسا والدولة اللبنانية، سيعمل على وضع آلية رقابية شفافة لمتابعة تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها الدول المشاركة خلال المؤتمر. وأشار إلى أن هذه الآلية ستكون شاملة وتغطي مختلف مراحل المساعدات لضمان توجيهها بالشكل الأمثل. كما سيجري التعاون مع المنظمات الدولية لضمان تنفيذ التزامات المؤتمر بما يعزز من قدرة لبنان على مواجهة أزماته الإنسانية والأمنية.

الالتزام بمساعدة لبنان

يمثل مؤتمر باريس الدولي نقطة محورية في العلاقات الدولية مع لبنان، إذ جاء ليؤكد تضامن المجتمع الدولي مع لبنان وحرصه على دعمه في أصعب الظروف. يعكس المؤتمر توجهاً دولياً جديداً تجاه الأزمات الإنسانية، مع التزام الدول المشاركة بتوفير الدعم الفوري وإطلاق عملية متابعة مستدامة للمساعدات، بما يمكن أن يساهم في استعادة لبنان لاستقراره وتعزيز مؤسساته الاقتصادية والعسكرية في المرحلة المقبلة.