حتماً للحرب التي تشنها اسرائيل على لبنان التأثير الكبير لناحية الدمّار الكبير للابنية واستهداف المدنيين. ولكن اليوم يواجه لبنان واسرائيل معاً خطرا من نوع آخر نتيجة الانشطة البشريّة أو التفجيرات التي تقوم بها اسرائيل في العديسة وقد تؤدّي الى تحفيز النشاط الزلزالي الذي قد يتأثّر به لبنان أو اسرائيل أو الاثنان معا... فكيف ذلك؟.

السبت الماضي ساد هلع كبير في اسرائيل نتيجة تحذيرات غير عادية من حدوث زلزال في العديد من البلدات في هضبة الجولان وحيفا والكرايوت في الشمال، وخرج سكان تلك القرى من منازلهم الى أماكن مفتوحة ليتبيّن فيما بعد أن انطلاق اجهزة انذار النشاط الزلزالي والتحذيرات كانت بحسب الجيش الاسرائيلي ناجمة عن تفجير 400 طنّ من المواد المتفجرة في موقع تحت الارض في الجنوب.

حسناً هذه الرواية الاسرائيليّة ولكن ما يظهر تباعاً أن تل أبيب تستخدم هذا الاسلوب لتفجير القرى في جنوب لبنان. ولكن الاكيد أنّها "تلعب بالنار". فالجنوب اللبناني يقع على فالق البحر الميت الذي يمرّ بمنخفض "حولا" ويسمى "بإصبع الجليل" ويمتد الى المنطقة الشماليّة الغربيّة بمنخفض حولا ويتفرّع وصولا الى فالق اليمّونة الذي يمتدّ من جنوب لبنان الى شماله، وفالق الروم الذي يتّجه نحو البحر الأبيض المتوسّط. ويشير الخبير الجيولوجي طوني نمر الى أنّ "منطقة العديْسة تقع على مقربة من المكان الذي يتفرّع منه فالق روم وفالق اليمّونة بالجنوب".

يلفت طوني نمر عبر "النشرة" الى أنّ "التفجيرات العنيفة التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي في العديْسة قد تكون بأماكن قريبة من الفوالق الزلزاليّة ولا تبعد أكثر من 3 كلم عن مكان تفرّع هذا الفالق، عندها ونتيجة الانشطة البشريّة القويّة أيّ التفجيرات يمكن أن يتأثّر الفالق"، شارحاً أنه "وبحسب قوّة تحرّكه على هذا الاساس تحصل الهزّة الأرضية التي قد تصبح زلزالاً"، لافتا الى أنه "وإذا تحرك الفالق على مساحة كبيرة قد يتمدّد بكل الاتجاهات، وإذا بدأ بالعديسة يُمكن أن يتمدّد شمالاً بإتجاه لبنان وجنوباً بإتجاه إسرائيل وبالتالي ما يقوم به الجيش الاسرائيلي من تفجيرات ضخمة لا تشكّل خطراً على لبنان فقط بل وعلى إسرائيل أيضاً".

في الاطار نفسه حاولت "النشرة" التواصل مع مديرة مركز الجيوفيزياء التابع لـ"المجلس الوطني للبحوث العلمية" مارلين البراكس ولم تنجح. الا أن البراكس كانت أكدت سابقاً أن "ما يحدث من تفجيرات في جنوب لبنان، لم يرفع احتمالات حصول هزّات وزلازل، باعتبار أنّ هذه التّفجيرات الكبيرة أصلًا لا تحدث على أعماقٍ كبيرة، وليست بالموقع نفسه، كما أنّ عددها محدود نسبيًّا"، لافتة الى أن "ما نسجّله لجهة حركة الهزّات، يأتي في إطار الوتيرة المعتادة".

هنا نساءلت مصادر مطّلعة على كلام بالبراكس "لماذا لا تشرح إذا كان غير صحيح أنّ التفجيرات في جنوب لبنان لم يرفع احتمالات حدوث هزات أو زلازل، وما هو الذي شعر به سكان بعض القرى في إسرائيل السبت الماضي؟ وأبعد من ذلك لماذا لا يقومون بنشر ما الذي يسجّله مركز بحنّس في هذه الفترة"؟.

الأكيد أن في اسرائيل كما في لبنان خبراء من الاختصاصيون وعلى دراية بأن التفجيرات التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي قد تؤدّي الى كارثة لن تسلم منها اسرائيل حتى. فهل الجنون الاسرائيلي وصل الى مكان لم يعودوا فيه آبهين لمصير سكّانهم، ألا يدركون أنهم يدمّرون قرى لبنانية ولا يشكلون خطرا على اللبنانيين فقط بل وعلى سكانهم... فهل يظنون أنهم يستطيعون اللعب مع الطبيعة والتحكّم بها بنفس الوقت؟. فلننتظر ونرى...