على وقع إنتظار نتائج زيارة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين إلى تل أبيب، التي تحدثت بعض وسائل الإعلام، الأميركية والإسرائيلية، عن أنها من المفترض أن تحصل اليوم، برزت في الساعات الماضية مجموعة من المعطيات الأساسية، التي تؤكد أن جميع الجهات غير مستعجلة على الحلّ، إلا إذا كان وفق شروطها، ما يعني أن الأمور، على أقل تقدير، ستذهب إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
في هذا السياق، الإدارة الأميركية الحالية، برئاسة جو بايدن، كانت تطمح للوصول الى تسوية قبل موعد الإستحقاق الإنتخابي لديها، على أمل أن تنجح في إستثمار ذلك لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إلا أن الرياح لم تجر كما كانت تشتهي سُفنها، بسبب التعقيدات التي لا تزال حاضرة على هذا الصعيد، وهو ما يعقد من مهمة هوكشتاين، لا بل يجعلها شبه مستحيلة.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن كل التسريبات الإسرائيلية لا تزال تصب في إطار أن تل أبيب تريد فرض شروط إستسلاميّة على "حزب الله"، الأمر الذي كان من المؤكد أن الحزب لن يقبل به مهما كانت النتائج، خصوصاً أنه لا يزال قادراً على الإستمرار في المواجهة، سواء كان ذلك على مستوى العمليات البرية، التي تحول دون تحقيق الجيش الإسرائيلي التقدم الذي يريده، أو على مستوى الإستمرار في إطلاق الصواريخ نحو المستعمرات، الأمر الذي يسقط أبرز أهداف الحرب، أي إعادة سكان الشمال إلى منازلهم.
هنا، تلفت هذه المصادر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على الأرجح، غير قادر على الذهاب إلى تقديم أي تنازلات في هذا المجال، خوفاً من التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك، بعد أن صور نفسه على أساس أنه القائد الذي نجح في تحقيق إنجازات تاريخية، من خلال عمليات الإغتيال التي طالت مجموعة واسعة من قيادات "حزب الله" وحركة "حماس"، وتعتبر أنه يفضل إنتظار الإنتهاء من الإستحقاق الإنتخابي في الولايات المتحدة، قبل أن يفكر في البحث بأي طروحات جديدة.
في المقابل، من الممكن إعتبار أن "حزب الله"، من خلال المواقف التي أطلقها أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، مهّد الطريق نحو التعامل مع هذا التوجّه الإسرائيلي، عبر تأكيد الإستمرار في المواجهة حتى النهاية، بالإضافة إلى التشديد على أنه مستعد لفترة طويلة من الحرب، الأمر الذي تؤكّد المصادر السياسية المتابعة أنه من الناحية العسكرية، قادر عليه، لكن الكلفة، نتيجة ما يقوم به الجانب الإسرائيلي على المستوى الجوي، ستكون أكبر، ما سيدخل الجميع في مرحلة صعبة، عنوانها النفس الطويل والقدرة على التحمل.
في هذا الإطار، توضح المصادر نفسها أن الحزب يراهن على المواجهات البرية، إذ يعتبر أنها قادرة على إفشال المخططات الإسرائيلية أو منع تل أبيب من فرض شروطها عليه، وبالتالي ستعود إلى خفض سقف مطالبها، في مرحلة لاحقة، عندما تشعر بوجود كلفة كبيرة، عليها أن تدفعها أيضاً، في حال قررت الإستمرار في الحرب، لكنها تشدّد على أنّ هذا الأمر ربما يتطلب أبعد مما يقوم به الحزب في الوقت الحالي، خصوصاً على مستوى العمليات التي تستهدف المستوطنات.
في المحصّلة، ترى هذه المصادر أنّ الإسرائيلي في ظلّ هذه الأوضاع، سيّتجه أكثر، في المرحلة المقبلة، إلى زيادة الضغوط على الحزب، عبر اللعب على وتيرة تأزيم مسألة النزوح بشكل أكبر، ما يعنيه ذلك من وقوع إشكالات داخلية، بالإضافة إلى الإستمرار في توسيع دائرة إستهداف المدنيين، كما حصل في الأيام الماضية لا سيما أمس في مدينة بعلبك، وتسأل: "هل يستطيع الحزب الإكتفاء بالمعادلات القائمة لتحقيق أهدافه، أي إجبار تل أبيب على الذهاب إلى الخيار الدبلوماسي"؟.