ادعى محللون عسكريون أنه يوجد إجماع يكاد يكون مطلقا في جهاز الأمن الإسرائيلي على أن الحرب على غزة ولبنان قد استنفدت نفسها، وأن قيادة الجيش تزعم أنه من الصعب معرفة نوايا رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، لكن في الوقت نفسه يكرر ضباط في هيئة الأركان العامة شروط نتانياهو التعجيزية وفي مقدمتها أن أي اتفاق يجب أن يشمل "حرية عمل" الجيش في لبنان في المستقبل، ما يعني منع أي إمكانية للتوصل إلى وقف إطلاق نار.
واوضح ضابط في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية إن نهاية الحرب على لبنان لن تتأثر باحتلال قرى أخرى في جنوب لبنان، وأن "مجرد وضع الهدف أمام الجيش الإسرائيلي بإبعاد قوات حزب الله وعودة سكان بلدات الشمال لا يعني أن تنتهي الحرب بنيران الطيران والمدفعية، وعمليا ليس بالاجتياح البري أيضا. لكن طالما لا يتم التوصل إلى اتفاق دائم، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى تعميق الإنجازات العملياتية من أجل دفع حزب الله والحكومة اللبنانية ودول الوسطاء، وبينها الولايات المتحدة وروسيا، إلى وضع إنهاء بشروط مريحة لإسرائيل. والهدف الآن هو تغيير الوضع الإستراتيجي "، حسبما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ويهددون في الجيش الإسرائيلي، وفقا للصحيفة العبرية، أنه "كلما ابتعد الاتفاق السياسي "بشروط مريحة لإسرائيل" سنضطر إلى تعميق العملية العسكرية، ولذلك هناك إمكانية أن نتلقى تعليمات بمواصلة الاجتياح بشكل أكبر من الخطة الأصلية. وهذا إما اتفاق أو حرب استنزاف، وإذا وصلنا إلى حرب استنزاف سنضطر إلى إنشاء حزام أمني يضمن عودة السكان إلى بيوتهم" في شمال إسرائيل.
وحسب الضابط في هيئة الأركان العامة، فإن "الأمر الأهم من اتفاق هو القدرة على إنفاذنا بواسطة إطلاق النار ضد أي خرق. ونحن سنضع الشروط، وسنضع خطا لا يكون بإمكان أي أحد الوصول إليه ويمنع قوات الرضوان من العودة إلى القرى"، ما يعني إنشاء حزام أمني في عمق جنوب لبنان. وكرر التهديد بأنه "سنعمل بشكل متواصل، سواء بإطلاق النار أو بتوغل بري إذا عاد حزب الله إلى خط الحدود. وهكذا سيكون الواقع كي لا ينشأ حزب الله مجددا هنا. ولذلك، سيعمل الجيش الإسرائيلي ضد تعاظم قوة حزب الله أيضا".
وحسب صحيفة "هآرتس"، فإنه يوجد إجماع في جهاز الأمن الإسرائيلي، بدءا من وزير الدفاع يوآف غالانت، على أن "سلسلة الإنجازات العسكرية والاستخباراتية، في الأشهر الثلاثة الأخيرة، باتت الحرب في قطاع غزة ولبنان قريبة من استنفاد نفسها".
وأضاف أن "جهاز الأمن يدعي أنه إذا استمرت الحرب لفترة طويلة، سيكون من الصعب تحقيق أكثر مما تم تحقيقه حتى الآن، بينما بقاء مستمرا في المناطق التي تم احتلالها يزيد من مخاطر التورط وتزايد الخسائر. وقوة الضربات التي تلقاها حزب الله وحماس، وإيران أيضا مؤخرا، تنشئ فرصة معقولة للتوصل إلى اتفاق. لكن اتفاقا كهذا سيكون مشروطا بتنازلات ليست سهلة بالنسبة لإسرائيل".
ولفتت الصحيفة إلى أن "هذا التحليل المتفائل يستند إلى الأمل بأن أعداء إسرائيل سيستجيبون هذه المرة لمطالبها، بحسب استخباراتها، وهو ما لم يحدث أبدا طوال الـ13 شهرا الأخيرة. وهذا التحليل متعلق أيضا بمشيئة نتانياهو. وفي قيادة الجيش يدعون أنه يصعب قراءة نوايا نتانياهو، الذي ينثر تلميحات متناقضة في تصريحاته وفي المداولات المغلقة".
في هذه الأثناء، تطالب إسرائيل في المفاوضات مع لبنان بوساطة المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين، بأن تكون للجيش الإسرائيلي "حرية عمل" في لبنان، بزعم تطبيق اتفاق، إذا لم يفعل ذلك الجيش اللبناني وقوات يونيفيل بأنفسهم، وتوسيع تفويض يونيفيل، وأن يعمل الجيش اللبناني على تدمير البنية التحتية العسكرية التي أقامها حزب الله في الجنوب وإرغام قوات حزب الله على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني. وشرط آخر تطالب به إسرائيل هو أن تعمل بنفسها على منع نقل أسلحة من سوريا إلى لبنان ومنع تسلح حزب الله.
وأفادت الصحيفة بأن التقديرات في الحكومة الإسرائيلية هي أنه "سيكون من الصعب على لبنان أن توافق على قسم من هذه الشروط".