بعد مرور شهر ونيف على بدء الحرب الاسرائيلية على لبنان تتأرجح التحليلات بين قدرة "حزب الله" على الصمود في هذه الحرب وقدرة إسرائيل على التوغّل البرّي وبين وقف إطلاق النار. ومؤخرا يكثر الكلام عن دخول إسرائيل الى بعض القرى في الجنوب اللبناني وتفخيخها. والسؤال هنا "ما الذي يحدث فعلياً اليوم في الجنوب، هل تغيرت موازين القوى على الارض؟".
يدرك الجيش الاسرائيلي أن الدخول الى لبنان ليس نزهة أو سهلاً. ونقطة التحوّل الأساس في المعركة ستكون في عمليّة الاجتياح البرّي التي يقوم الاسرائيلي بتأجيلها لأنه يدرك صعوبة الوضع. قائد عملية فجر الجرود العميد المتقاعد فادي داوود يشير الى أن "نقطة الضعف لدى اسرائيل تكمن في الاجتياح، وحين يستقرّ الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان تميل "الكفّة" لصالح المقاومة"، مشددا على أن "اسرائيل تتجنّب هذه النقطة ولا ينفذ الاجتياح وحتى المدن في الجنوب لا يدخل جيشها اليها ويبقى فيها"، لافتا في نفس الوقت الى أن "الاسرائيلي وحتى يتجنّب نقطة الضعف هذه يقوم بجعل القرى غير قابلة للسكن عبر "تزنير" القرى والمباني وتفجيرها".
حتماً يخشى الجيش الاسرائيلي من عمليّة الدخول الى الجنوب ويدرك أنّ الانفاق أو المباني الموجودة تحت الارض ليس من السهل الدخول اليها، وهنا يشرح العميد داوود أن "الاسرائيلي لا يجرؤ على الدخول الى الانفاق وتنظيفها بل إعتمد أٍسلوباً آخر وهو "تفخيخ" المدينة وتفجير المباني فيها دفعة واحدة، ويدمرها مثلما حصل في مدينة راميا الجنوبية حيث وضع في نفق 400 طن من المتفجرات وهي كميّة كبيرة وكبيرة جداً، وهذا الامر دفع بخبراء الجيولوجيا الى الحديث عن خطر التأثير على الفوالق وإمكانية حدوث زلازل".
ليس خافياً على أحد أن لدى الاسرائيلي أهدافا معلنة ومنها إعادة سكان الشمال الى المستوطنات وأن يكونوا بأمان، وهو يقوم بكل شيء لتحقيق هذا الهدف. ولكن يشير العميد داوود الى أنه "وبعد كلّ الذي حصل عملياً "حزب الله" لا يزال يطلق الصواريخ وهذا لا يجعل منطقة الشمال آمنة"، أما لناحية الاهداف غير المعلنة فيلفت العميد داوود الى أن "الاسرائيلي وبالدمار الذي يخلّفه يرفع من كلفة إعادة الاعمار من ناحية ويدفع بإتجاه تغيير ديمغرافي من ناحية أخرى، أي عندما يدمر قرى الجنوب سيذهبون بإتجاه البقاع، ولكن حتى البقاع استهدف بنفس النهج"، لافتا الى أنه "وبهذا الاسلوب وبعد عدة سنوات سيبقى هؤلاء في مكان تمركزهم وسيذهب جزء من الطائفة الشيعيّة الى العراق وسوريا وسيحل مكانهم السوري والفلسطيني".
"العمليّة البرّية لا مدى محدد لها". هذا ما يؤكده فادي داوود، مشيرا الى أن "أي حديث أو تفاوض يتم تحت النار، أما في السياسة فلا ندري متى تحين اللحظة"، مؤكّدا أن "الميدان وحتى الساعة لا يشي بقرب إنتهاء العمل العسكري".
في مقابل هذا المشهد الذي نراه اليوم، نجد أن الاسرائيلي يقوم بقصف المعابر الشرعية وتحديدا طريق المصنع والقاع وربما هذا دليل اضافي على رغبة الاسرائيلي في قطع الطريق ليس حسب مزاعمه على عبور الاسلحة بل أيضا على عبور السوريين العائدين الى سوريا التي أصبحت أكثر أمانا من لبنان.