لفت الوزير الأسبق ​زياد بارود​، إلى أنّه "كان من الواضح أنّ المساعي الّتي كان يقوم بها الموفد الأميركي ​آموس هوكشتاين​ لوقف إطلاق النّار، لم تكن ترتكز إلى معطيات كافية تسمح بمنسوب التّفاؤل الّذي كان سائدًا، لأنّ الصّورة غير واضحة"، مشيرًا إلى أنّ "كلام الرّئيس السّابق لـ"الحزب التقدّمي الاشتراكي" ​وليد جنبلاط​ عن أنّ الحرب طويلة، يستند إلى قراءة للواقع على الأرض كما هو، وقراءة عدم اهتمام الدّول الصّديقة بفرض وقف إطلاق نار فوري، لأنّ وقف إطلاق النّار لم يعد له طابع عسكري فقط، بل له طابع سياسي ودبلوماسي لم تكتمل عناصره بعد؛ كون الجانب الإسرائيلي مستمر بعدوانه على ​لبنان​ من دون ضوابط وضغوط خارجيّة كافية لردعه".

وركّز، في حديث لصحيفة "الدّيار"، على أنّ "من الواضح أنّ عمليّة الإنزال في البترون شكّلت خرقًا واضحًا للسّيادة، وتؤكّد أنّ إسرائيل تضرب كلّ شيء بعرض الحائط، وكذلك بالنّسبة لعدد الشهداء المرتفع والتّدمير الممنهج، خصوصًا وأنّ أي وقف لإطلاق النّار بحاجة إلى اتفاق ولو بالحدّ الأدنى حول اليوم التّالي".

وعن هذا اليوم التّالي، أوضح بارود أنّ "الجانب اللّبناني مجمع على تطبيق ​القرار 1701​، وهو موضوع مرتبط بالحكومة اللّبنانيّة. وقد أمّن هذا القرار، ورغم الخروقات على مدى 18 عامًا، حدًّا أدنى من الإستقرار. لذلك فإنّ الـ1701 قائم وواجب التّطبيق، ويبقى السّؤال الأبرز عن الضّمانات لتطبيقه، وهي ضمانات أوروبيّة وأميركيّة"، مبيّنًا أنّ "فتقارير الأمين العام للأمم المتّحدة الّتي تخطّت الـ52، تحدّثت عن انتهاكات للأجواء اللّبنانيّة، في المقابل لدينا الجرأة بأن نعترف أنّه كانت هناك خروقات من الجانب اللّبناني، ولكن لم تصل إلى داخل الأراضي المحتلّة، ولذلك لا تجوز المقارنة".

وأكّد أنّ "تطبيق القرار يتطلّب التزامًا كاملًا من الجانبين، وذلك عبر انتشار ​الجيش اللبناني​ بعد إعطائه الصّلاحيّات في كامل الأراضي اللّبنانيّة، لأنه ليس حرس حدود لإسرائيل. ومن هنا الرّهان الأساسي على دور الجيش اللّبناني، لأنّه قادر ومستعد ويملك العقيدة الوطنيّة، ولم يعد يجوز الكلام عن قدرة الجيش على تولّي تنفيذ هذا القرار".

وعن انعكاس أزمة النّزوح على الإستقرار الداخلي، شدّد على "ضرورة احتضان النّازحين والحرص على ألّا يؤدّي الإكتظاظ في بقع جغرافيّة محدودة إلى إشكالات، وهي لن تصل إلى حدّ الحرب الأهلية، رغم بعض التّشنّج والضّغط الّذي قد ينفجر اجتماعيًّا، إنّما سيبقى مضبوطًا من الجيش والقوى الأمنيّة".

كما لفت بارود إلى أنّ "هناك خشيةً فعليّةً من اتساع رقعة النّزوح، وحصر النّازحين في أمكنة محدودة هي في الأساس داخل مجتمع مأزوم اقتصاديًّا وماليًّا بسبب ودائعها المحجوزة. مع العلم أنّ ما من لبناني بمنأى عن الإعتداءات الإسرائيليّة، ما يستوجب حلًّا سريعًا لوقف إطلاق النّار، شرط أن يكون حلًّا منطقيًّا ومستدامًا يحترم سيادة لبنان".

وعن الملف الرّئاسي، أشار إلى أنّ "الحاجة الماسّة لانتخاب رئيس لم تنشأ اليوم إنّما منذ عامين، ولكن السّؤال اليوم عمّا إذا كان الموضوع يتعلّق فقط بمجرد انتخاب رئيس، بغضّ النّظر عن هويّة هذا الرّئيس، أم أنّه يتطلّب انتخاب رئيس لمواكبة المرحلة المقبلة ووضع لبنان على السّكة الصّحيحة؟".

ورأى أنّ "كلّ محاولات انتخاب الرّئيس قبل وقف إطلاق النّار قد سقطت، والظّروف لم تكن مؤاتية لإحداث خرق على هذا الصّعيد. فالمشكلة ليست في الأسماء المتداوَلة، ومخطئ من يعتبر أنّ عدم الإتفاق على اسم مرشّح للرّئاسة هو المشكلة، لأنّ المشكلة تتخطّى الاسم، وهي تتمحور حول مهمّة الرّئيس المقبل".

وذكّر بارود بـ"أنّنا لسنا في نظام رئاسي، فنحن بحاجة إلى حكومة كفوءة وجريئة تستطيع أن تنقل لبنان إلى مرحلة من الإستقرار بحدّه الأدنى، ذلك أنّ تكبير الحجر واعتبار أنّ المشكلة تنتهي بانتخاب الرّئيس هو تبسيط للأمور، لأنّ دور الرّئيس محوري، وإلّا لم يكن هناك من مشكلة كبيرة حول انتخابه، ولكن إذا تمّ انتخاب رئيس لإدارة الأزمة، فإنّ الفراغ سيكون أفضل؛ لأنّ حكومة تصريف الأعمال تدير الأزمة".

وطالب بـ"انتخاب رئيس بمهمّة واضحة، مع دعم خارجي للبنان ماليًّا واقتصاديًّا من قبل الدّول الصّديقة المستعدّة للمساعدة، وبالتّالي من الضّروري مع انتخاب الرّئيس ووقف إطلاق النّار وتحديد المسار والأهداف"، مشدّدًا على أنّ "لبنان لم يعد يحتمل رئيسًا لم يُصنع في لبنان، لأنه استحقاق يخصّ اللبنانيين". ودعا مجلس النّواب إلى "لبننة هذا الاستحقاق، وإن كان التّأثير الخارجي موجودًا دائمًا، وليفز من لديه الكفاءة والقدرة على إنقاذ لبنان بعلاقاته مع الخارج، وأن يتعاطى مع الدّاخل من دون أيّ أفكار مسبقة أو عزل أو تخوين أي مكوّن لبناني، لأنّه مدخل لبنان إلى الاستقرار على كلّ المستويات".