على وقع مجموعة من السيناريوهات والرهانات، التي رُسمت إنطلاقاً من الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ستُحسم، خلال ساعات، هوية الرئيس الأميركي الجديد، بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، حيث العنوان الأبرز، على مستوى المنطقة، القدرة على إنهاء العدوان على غزة ولبنان خلال وقت قصير، بالرغم من أن الفائز من المفترض أن يتسلم مهمامه رسمياً في 20 كانون الثاني.
في الأسابيع الماضية، طُرحت الكثير من الفرضيات حول سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى أن يكون لاعباً أساسياً في هذا الإستحقاق، الأمر الذي دفعه إلى رفض كل طروحات الذهاب إلى وقف إطلاق النار، في حين برز، في الأيام الأخيرة التي سبقت موعد الإنتخابات، حرص كل من ترامب وهاريس على إستمالة الأصوات العربية والإسلامية في الولايات المتأرجحة.
في هذا السياق، توضح مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن هناك عوامل مؤثرة في مصير الحرب أكثر من هوية الفائز في الإنتخابات، حيث تشير إلى أن توجه واشنطن، بالنسبة إلى قضية من هذا النوع، لا يتوقف على شخص، بل هو سياسة عامة يتم تبنيها من قبل المؤسسات المؤثرة، وبالتالي لا يمكن توقع أداء مختلفاً بعد هذا الإستحقاق، إلا إذا برزت الحاجة الفعلية لوقف إطلاق النار.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هناك مجموعة من المؤشرات التي توحي بأن تلك المؤسسات ترى مصلحة في الوصول إلى هكذا إتفاق، خصوصاً أن الأوضاع على مستوى منطقة الشرق الأوسط من المرجح، في حال إستمرار الأوضاع على ما هي عليه، أن تذهب إلى المزيد من التصعيد، بسبب الإحتكاكات الإسرائيلية الإيرانية المتكررة، ما قد يؤثر على مصالح الولايات المتحدة، نظراً إلى أن الأمور قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة.
بناء على ذلك، يمكن الحديث عن أن الجانب الأميركي، لا سيما في ظل الفشل الإسرائيلي في ترجمة النجاحات التي حققها على المستوى الأمني عسكرياً، بعد إغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، لم يعاد يمانع الذهاب إلى إتفاق، لكن ماذا عن موقف تل أبيب، تحديداً نتانياهو نفسه؟
هنا، تذهب المصادر السياسية المطلعة إلى الإشارة إلى أن نتانياهو، قبل الإنتخابات، لم يكن يريد أن يذهب إلى أي خطوة، قد تُفسر على أساس أنها دعم لمرشح محدد، لذلك وازن بين الرد المحدود على إيران، الذي يخدم هاريس أو لا يقضي على فرصها، وبين إستمرار العدوان على لبنان وعزة، الذي وضع في إطار أنه يصب في صالح ترامب.
بالنسبة إلى هذه المصادر، من المرجح أن يكون نتانياهو، في حال مارست واشنطن ضغوطاً جدية، بعد الإنتخابات، أكثر ميلاً إلى الذهاب إلى إتفاقات دبلوماسية، خصوصاً على الجبهة اللبنانية، لا سيما أن الفائز في الإنتخابات، سواء كان ترامب أو هاريس، سيطمح إلى إنهاء الصراع قبل تسلم مهامه رسمياً، بسبب الملفات الكثيرة التي يحتاج إلى التفرغ لها، بينما رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يكون قادراً على "العناد" في بداية ولاية رئيس جديد، بالرغم من أنه سيسعى، في ما يمكن وصفه بفترة السماح، إلى تحسين أوراقه، وهذه الفترة قد تطول في حال أدت نتائج الإنتخابات إلى أزمة داخلية.
في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أن الأهم من كل ما تقدم يبقى الوقائع الميدانية، خصوصاً على مستوى المواجهات البرية، التي سمحت لـ"حزب الله"، رغم الضربات الكبيرة التي تعرض لها، أن يبقى صامداً، ما أعطى الحزب القدرة على رفض الشروط التي كانت تسعى تل أبيب لفرضها عليه، وتضيف: "لو كان الواقع مختلفاً على المستوى البري، فإن الولايات المتحدة كانت ستدعم، بغض النظر عن هوية رئيسها المقبل، إستمرار تل أبيب في المعركة حتى النهاية".