بعد مرور قرابة الشهر على بدء الحرب الاسرائيلية المدمّرة على لبنان تخطّت الخسائر المباشرة وغير المباشرة مليارات الدولارات، فقد خلفت القذائف الاسرائيلية أضراراً في كافة الابنية وتم تدمير ومحو منازل وقرى بكاملها وقتل أبرياء.
هذا المشهد الذي نراه اليوم يختلف بشكل كبير عن المشهد عام 2006 بحيث أن الاضرار لم تكن بهذا الحجم. وأمام هذا الواقع يبقى السؤال الأهمّ ماذا تختلف هذه الحرب عن سابقتها عام 2006 وما تأثيرها على الاقتصاد اللبناني؟.
"خسائر لبنان في العام 2024 تختلف ما بين 4 الى 5 أضعاف عن الحرب في العام 2006". هذا ما يؤكده خبير المحاسبة المجاز ورئيس المجلس المالي والاقتصادي للدراسات الدكتور علي كمون، لافتا الى أن "ذلك يعود لعدّة أسباب أولها الدَين بالليرة والمضاربات منذ العام 2019 خسّرت الناتج المحلّي كثيراً، واليوم ومع كل شهر تقدّم بالحرب يكون لدينا خسارة 40% من الناتج المحلي"، شارحاً أن "إسرائيل وفي العام 2006 لم تستعمل قنابل بهذه القوّة لمحو الأراضي الزراعيّة، واليوم جميعها عرضة للقصف".
يؤكد الدكتور علي كمّون وجود خسائر مباشرة وأخرى غير مباشرة. إذ يلفت الى أنه "وفي العام 2006 لم يكن هناك ألواح طاقة شمسيّة تؤمّن ألف ميغاوات أي ثلث إنتاج الطاقة الكهربائية قي لبنان، اضافة الى عدم استهداف مباشر للأبنية، أما خلال العام الجاري فالقصف طال جميع المحافظات بإستثناء الشمال. أيضا في الحرب السابقة لم تُضرب البنية التحتية والمعابر العامة، أما اليوم فقد قُصف المصنع ومعبري جوسي والبقاع الشمالي"، مضيفا: "في العام 2006 كانت المعركة محصورة في الجنوب والضاحية ولو أن اسرائيل قصفت وقتذاك الكهرباء ولكن الطاقة لم تكن تعمل وهو لم يؤثّر سلباً أو ايجاباً، أما اليوم فالضربات كانت محكمة ودقيقة لشلّ الحركة الاقتصاديّة، بإختصار ان معركة 2006 كانت خسارتها ما بين 5 و6 مليار دولار وفي أكبر تقدير 7 مليار دولار أما المعركة التي تجري حالياً فإذا اقتصرت على 20 مليار دولار نكون من المحظوظين"، لافتا في المقابل الى أن "كلفة خسائر الحرب المباشرة وغير المباشرة على العدو الاسرائيلي تصل الى حدود 140 مليار دولار".
في مقابل هذا المشهد الكبير للدمار يجب التفكير في إعادة الاعمار ما بعد الحرب، وهناك عائق أساسي اليوم بغياب الثقة بالقطاع المصرفي، الذي بدونه لا يمكن اعادة الاعمار. ويشير الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة عبر "النشرة" الى أنّ "القطاع المصرفي يحتاج الى اعادة هيكلة ولا أحد سيساعد لبنان إذا لم نقم بإصلاحات، وإذا فعلنا ولم يكن القطاع المصرفي داخلها فلن ننجح، إذ كيف ستأتي الأموال"؟ مضيفا: "في العام 2006 عقد مؤتمر ستوكهولم بعد الحرب، وفي 2007 كان هناك مؤتمر باريس 3 وحصد لبنان 7.6 مليار دولار، هذه الاموال دخلت كلّها في القطاع المصرفي لأنّ لا أحد يدفع "كاش أو نقداً"، مشددا على أنه "وحتى نبدأ باعادة الاعمار يجب هيكلة القطاع المصرفي، خاصة وأن الثقة معدومة به، بالمختصر إذا لم يكن هناك معالجة لهذا القطاع فلن يكون هناك اعمار وأموال".
في المحصّلة يحتاج المعنيون اليوم وقبل الغد للالتفات الى المصارف وإجراء الاصلاحات للنهوض بالبلاد واطلاق ورشة الاعمار بعد أن تضع الحرب اوزارها، فهل يفعلها المسؤولون أم أنّهم سيبقون نيامًا ييستمرّون بالعيش في الفساد ومن أجله لأَجَلِ جميع اللبنانيين؟!.