بعد إنتهاء الإنتخابات الرئاسية الأميركية، بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إنتقل البحث في بعض الأوساط المحلية عن مسار العدوان الإسرائيلي على لبنان، خصوصاً أن الكثير من السيناريوهات تُطرح حول ما يمكن أن يبادر إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في الفترة الفاصلة عن تسلم ترامب مهامه الرسمية.
في هذا السياق، تضج هذه الأوساط بمجموعة واسعة من الإحتمالات، التي تتماهى مع ما يطرح في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث هناك من يعتبر أن نتانياهو سيستفيد، من هذه الفترة، لإنجاز كل ما يريده على المستوى العسكري، سواء كان ذلك على جبهة غزة أو جبهة لبنان أو حتى على مستوى الصراع مع إيران، على قاعدة أن المطلوب عدم منح الرئيس الأميركي جو بايدن أيّ إنجاز قبل إنتهاء ولايته، بل إنتظار ترامب الذي من المفترض أن يبدأ مهامه بإنهاء الواقع القائم.
في المقابل، هناك من يعتبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعيش قلق الإجراءات التي من الممكن أن تبادر إليها إدارة بايدن في الفترة الفاصلة، على أساس أن نتانياهو، بسبب عدم موافقته على الذهاب إلى إتفاقات لوقف إطلاق النار في المنطقة، ساهم في خسارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وبالتالي من الممكن أن تعمد الإدارة الديمقراطية، قبل مغادرتها البيت الأبيض، إلى معاقبته على ذلك.
بعيداً عن كل هذه السيناريوهات، التي تفتقد إلى الدقة على نحو بعيد، نظراً إلى أن ليس هناك من إدارة أميركية في وارد التخلي عن دعم إسرائيل، سواء كانت إدارة بايدن المغادرة أو إدارة ترامب القادمة، بل أن الرهان الأساسي على الوقائع الميدانية، التي من الممكن أن تدفع تل أبيب إلى طلب وقف إطلاق النار، سواء كان ذلك قبل تسلم الرئيس المنتخب أو بعد ذلك، هناك مسألة أخرى تحتاج إلى البحث فيها، تتعلق بالجهة الأميركية، التي من المفترض أن يتولى لبنان التنسيق معها.
في هذا المجال، بدأ الحديث، في الساعات الماضية، عن زيارة جديدة إلى المنطقة، من المفترض أن يقوم بها المبعوث الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين، لتجديد مباحثات وقف إطلاق النار، بعد أن كان فشل، قبل الإستحقاق الإنتخابي في الولايات المتحدة، في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي في الذهاب إلى الحل الدبلوماسي، في حين أن منسق العلاقات العربية لترامب مسعد بولس كان قد أعلن ان أول زيارة له ستكون إلى بيروت بأسرع وقت ممكن، مشيراً إلى أن الموضوع قد يكون خلال الأيام المقبلة أو الاسبوعين المقبلين.
بالنسبة إلى مصادر سياسية متابعة، هذا الأمر يخلق حالة من الإرباك، بسبب ما يمكن أن يطرحه كل من هوكشتاين وبولس، في حال صحة المعلومات عن أن كل منهما سيقوم بزيارة منفصلة إلى المنطقة في الأيام المقبلة، بعد أن كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد ألمح إلى أن المبعوث الرئاسي الأميركي يستطيع أن يستمر في مهمته حتى 20 كانون الثاني المقبل، كما أشار إلى أن ترامب وقع على "تعهّد" بوقف إطلاق النار فور إنتخابه.
في المحصّلة، تلفت المصادر نفسها إلى أن الأمور، بالنسبة إلى المسار الدبلوماسي، لم تتضح بعد، حيث أن الأساس يبقى التركيز على الوقائع الميدانية، على إعتبار أن الجميع يراهن، خصوصاً إسرائيل و"حزب الله"، على ما يمكن أن ينتج من تطورات على هذا الصعيد، تسبق بدأ البحث الجدي في طروحات وقف إطلاق النار، أما كل ما يُطرح، في الوقت الحالي، هو عبارة عن سقوف مرتفعة وتمنيات لا أكثر، خصوصاً أن الأيام الماضية كانت قد شهدت تصعيداً في الرسائل النارية.